هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 591 - الجزء 3

  (قلنا:) الدليل (متوقف على المدلول) الذي هو حكم الله تعالى، فهو متقدم على الاجتهاد، فلا يكون متوقفاً عليه.

  (وأيضاً لو كان كل مصيباً لاجتمع النقيضان⁣(⁣١)؛ إذ شرط القطع بقاء الظن) هذا دليل آخر من الأدلة العقلية، وتوجيهه: أنه لو كان الكل حقاً لزم اجتماع القطع وعدمه في الحكم المستنبط، بيانه: أن المجتهد إذا ظن حكماً أوجب ظنه القطع به في حقه، وقطعه به مشروط ببقاء ظنه به؛ للإجماع على أنه لو ظن غيره وجب عليه الرجوع عنه⁣(⁣٢).


= إشارة إلى جواب شارح المختصر، وقوله: قلنا: هذا ينفي مخالف القياس ... إلخ دفع لجوابه ليتم الاستدلال على أن المطلوب هو حكم الله هل هذا أو هذا، وحاصله أن كون المتعلق ما ذكر ينفي الحكم المخالف للقياس الصادر عن الاجتهاد، فإن مخالف القياس ليس على وفق الأصول المتقررة ولا على ما عهد من الشارع اعتباره. واعلم أن شارح المختصر صرح بأن المراد بما هو أليق بالأصول هو الأمارات، والسعد اختار أن المراد ما هو الأليق بالأصول من الأحكام، والمؤلف # أطلق ولم يقيده، لكن قوله بعد ذلك: قيل هو الدليل ربما ليشعر بأنه أراد ما اختاره السعد.

(قوله): «فهو» أي: حكم الله⁣[⁣١] «متقدم على الاجتهاد» الذي هو الطلب كما عرفت قريباً، وقوله: «فلا يكون» أي: حكم الله «متوقفاً عليه» أي: على الاجتهاد؛ لئلا يلزم الدور كما سبق.


(١) أي: الضدان؛ لأن العلم والظن ضدان لا نقيضان. (جلال).

(٢) فيكون ظاناً أن ما أدى إليه نظره هو حكم الله، عالماً بأنه حكم الله تعالى، فيتعلق الظن والعلم بشيء واحد، وأنه اجتماع الضدين اللذين هما العلم والظن في محل واحد. وأجيب بمنع كونه عالماً بأنه حكم الله؛ لأن كونه عالماً بذلك مبني على أن هذه المسألة - أعني مسألة أن كل مجتهد مصيب - قطعية، وكونها قطعية ممنوع؛ لأن الظن كاف في الأصول، ولو سلم فالضدان يجب أن يكونا وجوديين، وكون الشيء ظاناً وعالماً ومظنوناً معلوماً وصفان اعتباريان، والمتنافيان اعتباراً إنما يمتنع اجتماعهما في المحل من جهة واحدة، أما من جهتين فصحيح اتفاقاً، كالصلاة في الدار المغصوبة واجبة من جهة حرام من جهة، وكذا ما نحن فيه، الظن حاصل عن دليله والقطع حاصل عن دليله، وحينئذ فلا يحتاج إلى الجواب بقوله: قيل: يزول الظن إلى العلم إلخ للاستغناء عنه بهذا، ولضعفه كما أورد عليه من أن إنكار استمرار الظن بهت، وأن زواله إلى العلم يوجب الرجوع، وكذا إيجابه مع تذكره. (مختصر وشرحه للجلال مع تصرف يسير).


[١] سيأتي كلام الشرح، وهو يقضي بأن الضمير عائد إلى الدليل، وكذلك المستتر في قوله: فلا يكون. (زيد بن محمد |، ح). وشكل على هذا بخط القاضي الحسن بن إسماعيل المغربي |.