[تعريف الاجتهاد]
  الرجوع أيضاً، يعني: أنه إذا كان الظن بالحكم موجباً للعلم به على ما هو اللازم من تصويب كل مجتهد امتنع الرجوع؛ لامتناع ظن نقيض الحكم مع تذكر ظن الحكم الموجب للعلم به؛ لامتناع ظن نقيض الحكم المعلوم مع ملاحظة ما هو موجب للعلم؛ لوجوب دوام العلم بدوام ملاحظة موجبه، وإلا لم يكن العلم علماً، ولا الموجب موجباً (والقطع بالجواز) لظن النقيض في الرجوع (معه) أي: مع تذكر ظن الحكم حاصل، فلم يكن مستلزماً للعلم.
  (قيل:) لزوم اجتماع النقيضين وارد على المذهبين، فالإلزام به (مشترك)(١) بينهما، فإما أن يبطلا أو يفسد الدليل (لوجوب اتباع الظن قطعاً) فإن الإجماع
(قوله): «فإما أن يبطلا» أي: المذهبان ولزم خلاف الإجماع على حقية أحدهما.
(قوله): «أو يفسد الدليل» لأنه منقوض إجمالا بأنه لو صح لما قام دليل على النقيضين[١].
= على الفرق بين العلم والظن، بأن الظن يزول مع بقاء سببه بخلاف العلم فإنه لا يزول مع بقاء سببه؛ فلهذا لا يظن نقيضه مع تذكر سبب العلم، لكنا عرفناك في صدر الكتاب أن لا فرق في ذلك بين العلم والظن، فإن سبب ظن الحم إنما هو ظن دلالة الدليل، وظن الحكم لا يزول مع بقاء ظن دلالة الدليل، فهو كالعلم لا يزول إلا بزوال سببه، فيتجه للخصم أن يمنع الثانية القائلة: لكنه يستحيل ظن النقيض مع تذكره لسبب انقلاب الظن علماً. اهـ كلامهما.
(١) أي: فالدليل الذي أبطلتم به إصابة كل مجتهد يدل بعينه على بطلان إصابة واحد وخطأ الآخرين أيضاً؛ لأنا نعلم بالدليل القاطع - وهو الإجماع - أن الحكم الذي أدى إليه الاجتهاد سواء كان صواباً أو خطأ يجب اتباعه على الوجه الذي أدى إليه من الوجوب أو الحرمة أو الندب أو الإباحة أو الكراهة، والعلم بوجوب متابعته مشروط ببقاء ظن المجتهد، فيكون المجتهد عالماً حال كونه ظاناً، فيلزم القطع وعدم القطع، وهما نقيضان، وإذا ثبت كونه مشترك الإلزام كان باطلاً بوجوه، الأول: أن المحال ليس لازماً لإصابة كل مجتهد استدل ببطلانه على بطلانه؛ لأن اللازم هو ما ينشأ من فرض ثبوت ملزومه، وهذا ليس كذلك؛ لأنه ثابت على تقدير ثبوته وعدمه أيضاً، وجوابه منع لزوم التناقض ههنا؛ لأن متعلق الظن وعدم القطع هو الحكم المطلوب بالاجتهاد، ومتعلق العلم والقطع وجوب اتباع الظن لا الحكم، والتحقيق فيه أن الحكم الرابط لأفعال المكلفين بذواتهم بالاقتضاء أو التخيير من جهة لزومه من الأدلة الظنية متعلق الظن، ومن جهة إيجاب الشارع العمل به لكونه مما أدت إليه الأدلة الظنية متعلق العلم، وعند اختلاف الجهتين لا تناقض. (أبهري).
[١] ينظر في صحة هذا. (ح عن خط شيخه).