هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 595 - الجزء 3

  والشيء كما ينتفي بانتفاء موجبه قد ينتفي بانتفاء شرطه، فلا يمتنع ظن النقيض، فإن قيل: لا اتحاد في المتعلق على القول بالتصويب أيضاً⁣(⁣١)؛ لأن الظن متعلق بكون الدليل دليلاً، والعلم بثبوت مدلوله ما دام دليلاً، فإذا تبدل الظن زال شرط ثبوت الحكم، وهو ظن الدلالة، فقد أجيب بأن كونه دليلاً حكم أيضاً، فإذا ظنه فقد علمه، وإلا جاز أن يكون الدليل غيره فيكون مخطئاً في أنه هو، فلا يكون كل مجتهد مصيباً، وحينئذ يجتمع في كونه دليلاً الظن والعلم فيتم الإلزام، وفيه أن الشرع جعل مناط وجوب العمل ظن الدليل لا نفس الدليل، ولا القطع به


(قوله): «والشيء كما ينتفي ... إلخ» المراد بالشيء القطع بتحريم المخالفة.

(قوله): «فلا يمتنع ظن النقيض» أي: نقيض الحكم المظنون، وهذا التسليم متوجه إلى امتناع ظن النقيض ... إلخ، والمعنى لو سلم منافاة ظن النقيض مع تذكر موجب القطع فإنما نافاه مع وجود شرطه، وأما مع انتفائه فينتفي القطع ولا محذور.

(قوله): «بثبوت مدلوله» أي: والعلم متعلق بثبوت مدلوله وهو الحكم «ما دام» الدليل «دليلا» فإذا ظن الدليل أفضى به إلى العلم بالحكم المستنبط.

(قوله): «فإذا تبدل الظن» أي: ظن كون الدليل دليلا.

(قوله): «زال شرط ثبوت الحكم» أي: العلم بثبوت الحكم «وهو» أي: الشرط «ظن الدلالة» أي: ظن كون الدليل دليلا، وحينئذ فلا يلزم اجتماع النقيضين على القول بالتصويب، ولا امتناع ظن النقيض مع تذكر موجب العلم؛ لزوال العلم بزوال شرطه.

(قوله): «بأن كونه» أي: كون الدليل «دليلا حكم» من الأحكام الشرعية الوضعية.

(قوله): «فإذا ظنه» أي: هذا الحكم، وهو كونه دليلا «فقد علمه» على ما هو اللازم من القول بالتصويب؛ ولذا قال المؤلف #: «وإلا جاز أن يكون الدليل غير» ما ظنه «فيكون» المجتهد «مخطئاً في أنه» أي: الدليل «هو» أي: ما ظنه دليلا.

(قوله): «فيتم الإلزام» يعني باجتماع النقيضين، وأما الإلزام بامتناع ظن النقيض مع تذكر الموجب فسيأتي قريباً أنه لا يلزم المصوبة إذا أخذت القضية مشروطة أو عرفية.

(قوله): «وفيه» أي: في هذا الجواب «أن الشرع ... إلخ» حاصل هذا الاعتراض منع قوله: فإذا ظنه فقد علمه.

(قوله): «جعل مناط وجوب العمل» أي: العمل بالدليل.

(قوله): «لا نفس الدليل» أي: في الواقع ونفس الأمر.

(قوله): «ولا القطع به» أي: بالدليل.


(١) واتحاد المتعلق على قول أهل التصويب ممنوع، لم لا يجوز أن يكون متعلق الظن كونه الحكم الذي لو نص الشارع لم ينص إلا عليه بأي أمارة تدل على ذلك، ومتعلق القطع صيرورته بذلك الظن حكم الله تعالى في حقه وحق مقلده قطعاً ما دام ظاناً أنه الحكم الذي لو نص الشارع لم ينص إلا عليه لا دائماً؟ ولا نريد بأن حكم الله تابع لظن المجتهد إلا هذا، فتنتفي اللوازم بأسرها. (سحولي).