[تعريف الاجتهاد]
  فيجوز أن يوجب ظن الدليل وجوب العمل وأن يوجب الجزم بكونه دليلاً، ثم تجويز كون غيره دليلاً لا يوجب العمل ما لم يتعلق الظن بكونه دليلاً، ثم المراد بكون كل مجتهد مصيباً إصابته في الأحكام التكليفية لا في كل حكم.
  والأحسم(١) في الجواب: أن الظن المتعلق بثبوت المدلول مستفاد من الدليل قطعاً، ووجود ظن آخر متعلق بكون الدليل دليلاً لا يرفع المحذور الحاصل من الظن الأول.
(قوله): «فيجوز أن يوجب ظن الدليل وجوب العمل» أي: بالدليل، ويحتمل وجوب العمل بالمدلول، وهو الحكم «وأن يوجب الجزم بكونه دليلا[١]» أي: يجوز أن يوجب هذا أو هذا، فلا يتعين إيجابه للجزم بكونه دليلا؛ لاحتمال أن يكون الدليل غيره، وذلك لا يضر؛ لأن مناط وجوب العمل قد حصل للمجتهد، وهو ظن دليله، ولم يتعلق الظن بغير دليله فلا يجب العمل به، وهذا معنى قول المؤلف #: ثم تجويز كون غيره دليلا ... إلخ.
(قوله): «في الأحكام التكليفية» وكون الدليل دليلاً ليس من الأحكام التكليفية، بل من الأحكام الوضعية، والمراد بالبحث الأحكام التكليفية لا كل حكم.
(قوله): «والأحسم في الجواب» أي: عن قولهم: فإن قيل: لا اتحاد في المتعلق ... إلخ، وإنما كان أحسم لأنه يرد على ذلك أنه لا يضر كون الحكم من الأحكام الوضعية لا التكليفية؛ ولذا قال السعد: غايته أن لا يكون اجتماع النقيضين في حكم شرعي عملي هو خطاب التكليف، بل هو في حكم شرعي اعتقادي هو كون الدليل الذي لاح للمجتهد دليلا.
(قوله): «بثبوت المدلول» وهو الحكم المستنبط «مستفاد من الدليل قطعاً» لاستنباطه منه.
(قوله): «ووجود ظن آخر» غير ظن الحكم المستنبط.
(قوله): «لا يرفع المحذور» وهو القطع والظن في الحكم المستنبط، يعني لا يرفعه كما ادعاه المعترض حيث قال: إن الظن متعلق بكون الدليل دليلاً، والعلم متعلق بثبوت المدلول.
(قوله): «الحاصل» يعني المحذور «من الظن الأول» المتعلق بثبوت المدلول، وهو الحكم المستنبط، وإنما لم يرفعه لكون هذا الظن موجباً للقطع على القول بالتصويب.
(١) في نسخة: الأحسن.
(*) إنما كان أحسم لأن الذي اتحد فيه القطع والظن حكم تكليفي من محل النزاع، وذلك لأن الحكم المستنبط من الدليل باعتبار استفادته من دليل ظني ظني، ومن حيث دعوى أن كل مجتهد مصيب أي: موافق لما في نفس الأمر كما هو قول المصوبة قطعي، فيجتمع في ثبوته القطع والظن، وهو حكم تكليفي، ولا يقال: إن ثبوت المدلول ظني، وكون الدليل دليلاً ظني، فلا يجتمع القطع والظن في شيء واحد؛ لأنه يقال: الكلام في ثبوت الحكم، وقد اجتمع فيه القطع والظن. (عن خط السيد العلامة أحمد بن إسحاق |).
[١] وهذا هو اللازم منه اجتماع الظن والعلم. (منه).