هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 600 - الجزء 3

  أثراً، قال: أقول فيها برأيي⁣(⁣١)، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله (و) كما في (المجهضة) بكسر الهاء، يقال: أجهضت الناقة والمرأة ولدها إجهاضاً: أسقطته ناقص الخلق، فهي مجهض ومجهضة، والولد مجهض، قال ابن حجر في تلخيصه: روى البيهقي من حديث سلام عن الحسن البصري قال: أرسل عمر إلى امرأة مغيبة⁣(⁣٢) كان يُدْخَلُ عليها فأنكر ذلك فقيل لها: أجيبي عمر، قالت: ويلها ما لها ولعمر؟ فبينما هي في الطريق ضربها الطلق، فدخلت داراً فألقت ولدها فصاح صيحتين ومات، فاستشار عمر الصحابة، فأشار عليه بعضهم⁣(⁣٣) أن ليس عليك شيء، إنما أنت وال ومؤدب، فقال عمر: ما تقول يا علي؟ فقال علي: «إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأوا، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك، أرى أن ديته عليك؛ لأنك أنت أفزعتها فألقت ولدها من سببك»، فأمر علياً أن يقيم عقله على قريش، ثم قال: ورواه عبدالرزاق عن معمر عن مطر الوراق عن الحسن فذكر نحوه، وذكره الشافعي بلاغاً⁣(⁣٤) عن عمر مختصراً. وكما روي عن ابن عباس أنه قاس الجد على ابن الابن في حجب الإخوة، وقال: ألا يتقي الله زيد بن ثابت جعل ابن الابن ابناً ولم يجعل أب الأب


(١) فإن قيل: قد روي عن ابن عباس عن النبي ÷ أنه قال: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار»، وفي رواية: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» أخرجه الترمذي وحسنه، وعن جندب أنه ÷ قال: «من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ»، أخرجه أبو داود والترمذي وقال: غريب، أجيب: بأنه قال فيها بمقتضى لغتهم في الكلالة، وليس كذلك هو المفهوم من الرأي في الأعصار الأخيرة، وإنما سماه رأياً على عادتهم في الورع عن تفسير القرآن بغير النصوص العربية؛ لما يدخل التفسير باللغة من احتمال الاشتراك والتخصيص والمجاز ونحوه. (من الطبري على الكافل).

(٢) اسم فاعل من فعل بالتشديد أو من أفعل، هكذا ضبط في الأصول.

(٣) عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان. (سعد).

(٤) أي: بصيغة بلغنا عن عمر، والله أعلم، وهو عند أهل الحديث إذا كان بهذا اللفظ غير صحيح.