[تعريف الاجتهاد]
  أباً. وكما روي عن مسروق(١) قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر، فانتهره عمر وقال: لا، بل اكتب: هذا ما رأى عمر، فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر. أخرجه البيهقي، وروى المؤيد بالله في شرح التجريد عن ابن مسعود أنه قال في امرأة مات زوجها ولم يفرض لها صداقاً: أقول فيها برأيي، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان. ولعلي بن أبي طالب # كلام في ذلك لا يحتمل التأويل، وشهرته أغنت عن نقله، وأمثال هذا كثير شائع، ولم ينكر على أحد منهم.
  وأما السنة فما أشار إليه بقوله: (وصرح بها) يعني: بالتخطئة (عليه الصلاة والسلام في عدة أحاديث) فمن ذلك ما أخرجه الجماعة إلا الترمذي عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ÷: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله
(قوله): «ولعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه كلام في ذلك» أي: بالقول بالتخطئة «لا يحتمل التأويل» إشارة إلى أنه وإن تأول ما ورد عن سائر الصحابة من التخطئة بأن المراد بالخطأ حيث يكون هناك تقصير[١] وعدم استيفاء النظر في ظن الصواب فلا يمكن تأويل ما ورد عن الوصي كرم الله وجهه، وهو قوله #: (ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً، وإلههم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، أفأمرهم الله سبحانه وتعالى بالاختلاف فأطاعوه؟ أم نهاهم فعصوه؟ أم أنزل الله دينا ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله تعالى ديناً تاماً فقصر ÷ عن تبليغه وأدائه والله تعالى يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨]، وقال: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩]، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضاً وأنه لا اختلاف فيه فقال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ٨٢}[النساء]؟ وإن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تنكشف الظلم إلا به). وقد روي في حواشي الفصول عن الإمام يحيى # في تأويل كلام أمير المؤمنين # ثلاثة أوجه، فخذه من موضعه إن شاء الله تعالى.
(١) ابن الأجدع الهمداني. (من سيرة ابن هشام). قيل: سُرِق وهو صغير.
[١] سيأتي للمؤلف | الإشارة إلى اعتراض هذا، وأبسط منه في حواشي المنهاج لشيخنا |. (منه ح).