[تعريف الاجتهاد]
  وبعده يعمل بالثاني تحريماً واجتزاءً فيقضي تماماً ويفارق تلك المطلقة والمخالعة (وإلا استحل) في مثالي المطلقة والمخالعة ثلاثاً (واجتزى) لو قضى قصراً وهو يرى وجوب التمام (بما يعتقد تحريمه) في الأول (وعدم إجزائه) في الثاني.
  (وقيل: لا) يعمل بالثاني، بل بالأول سواء اتصل به حكم حاكم أم لا؛ تنزيلاً للاجتهاد منزلة الحكم، فلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد، والتحقيق أن العمل بالثاني ليس نقضاً للأول، وإنما يكون نقضاً له لو حكم بأنه كان حراماً من أول الأمر، وأهل التخطئة والتصويب متفقون على خلاف ذلك.
  (وقيل:) لا يعمل بالثاني (إن حكم به) أي: بالأول، فإذا حكم حاكم بصحة الرجعة والنكاح فيما مثلناه عمل المجتهد(١) على ذلك وإن خالف اجتهاده؛ لما سبق من أنه لا ينقض الحكم في الاجتهاديات لا من الحاكم ولا من غيره، وامتناع النقض يقتضي اعتبار الحكم، واعتباره يقتضي عدم تحريمه على المجتهد الذي تغير اجتهاده وعلى مقلده، وهذا رأي المصوبة وكثير من القائلين بوحدة الحق، وهو مبني على أن حكم الحاكم في الاجتهاديات ينفذ ظاهراً وباطناً، فيحل للزوج مباشرة تلك المطلقة والمخالعة ظاهراً وباطناً وإن كان مذهبه التحريم، وفيه نظر.
(قوله): «وإلا استحل» أي: وإن لم نقل: إنه نقض.
(قوله): «تنزيلا للاجتهاد منزلة الحكم» وهو قول أبي طالب والقاسم واحد قولي المنصور بالله؛ لظهوره عن الصحابة؛ إذ كان يرجع كثير منهم عن اجتهاده ولم يعلم أنه نقض ما قد أبرم، كرجوع علي كرم الله وجهه في بيع أم الولد، وعمر في دية الأصابع، قلت: لكن هذا الاستدلال لا ينافي المذهب الأول؛ لأن ما ذكر عن علي كرم الله وجهه وعن عمر هو فيما قد مضى ونفذ.
(قوله): «وفيه نظر» لما تقرر في الفروع من أن حكمه في الوقوع لا ينفذ باطناً.
(١) وفيه نظر؛ لأن حكم الحاكم إنما شرع لفصل الخصومات لا لتصحيح الديانات، فليس بحجة فيها اتفاقاً. (جلال). قد يجتمع تصحيح الديانات وفصل الخصومات كما في المسألة الممثل بها ههنا فيمن يرى أن الخلع فسخ، ومذهب المرأة أنه طلاق، ثم أراد نكاحها بعد مخالعته إياها ثلاثاً فامتنعت وخاصمته.