(التصديقات)
  والذي وقع به البيان يسمى سوراً؛ لأنه يحصر كمية الأفراد، فسور الموجبة الكلية: كل ونحوه(١) مما يفيد الاستغراق. وسور الجزئية: بعض وشبهه. وسور السالبة الكلية: لا شيء، ولا واحد، وكل ليس، وما أفادك معناه(٢). وسور الجزئية: ليس كل، وليس بعض، وبعض ليس، ونحوها.
  (وإلا فمهملة) أي وإن لم تبين كمية الأفراد فالقضية تسمى مهملة؛ لإهمال
(قوله): «لأنه يحصر كمية الأفراد» إشارة إلى أن التسمية أخذت من سور البلد، فكما أنه يحصر البلد ويحيط به كذلك اللفظ الدال على كمية الأفراد يحصرها ويحيط بها.
(قوله): «وسور الجزئية بعض وشبهه» كواحد من الحيوان إنسان.
(قوله): «وكل ليس» نحو: كل إنسان ليس بجماد.
(قوله): «وما أفادك معناه» نحو: لا فرد من الإنسان بحمار.
(قوله): «وبعض ليس» نحو: بعض الحيوان ليس بحمار.
(قوله): «وبعض ليس» نحو: بعض الحيوان ليس بإنسان.
(قوله): «ونحوها» نحو: فرد من الحيوان ليس بإنسان، وأما الفرق بين أسوار السالبة الجزئية وبيان دلالتها بالمطابقة فمذكور في شرح الشمسية[١]؛ إذ المقام لا يحتمله.
(قوله): «أي: وإن لم تبين كمية الأفراد فالقضية تسمى مهملة» نحو الإنسان في خسر، وتحقيق المقام بما ذكره في شرح الشمسية، وهو أن القضية إذا لم يبين فيها أفراد الموضوع فلا يخلو إما أن تصلح القضية لأن تصدق كلية أو جزئية بأن يكون الحكم فيها على أفراد الموضوع أو لم تصلح بأن يكون الحكم فيها على طبيعة الموضوع نفسها لا على الأفراد، فإن لم تصلح لأن تصدق كلية أو جزئية سميت طبيعية؛ لأن الحكم فيها على نفس الطبيعة، كقولنا الحيوان جنس والإنسان نوع، فإن الحكم بالجنسية والنوعية ليس على ما صدق عليه الحيوان والإنسان من الأفراد، بل على نفس طبيعتهما وإن صلحت لأن تصدق كلية أو جزئية سميت مهملة؛ لأن الحكم فيها على أفراد موضوعها وقد أهمل بيان كميتها، نحو: الإنسان في خسر، والإنسان ليس في خسر، أي: ما صدق عليه الإنسان من الأفراد في خسر أو ليس في خسر. انتهى.
إذا عرفت ما نقلناه اندفع ما يورد هاهنا من الاعتراض بأن قولهم: =
(١) لام الاستغراق أو الجميع.
(٢) كل نكرة وقعت في سياق النفي فهو سور السالبة الكلية. وقوله: وكل ليس نحو: كل إنسان ليس بجماد.
[١] والفرق بين الأسوار الثلاثة أن (ليس كل) دال على السلب الجزئي بالالتزام، والآخران بالمطابقة، وذلك أن النفي إذا دخل على مقيد توجه إلى القيد لا إلى الأصل المقيد، ولما كان معنى (كل) الشمول والإحاطة توجه النفي الداخل عليها إلى معناها، فهو يفيد بالمطابقة نفي الشمول والإحاطة، وذلك لا يستلزم إلا النفي عن البعض لا غير؛ لأنه من ضرورته لا يصدق إلا به، وأما شمول النفي لكل فرد فرد فلا يستلزمه ولا يدل عليه بمطابقة ولا التزام، فظهر أن: «ليس كل يدل على السلب الجزئي التزاماً، وأما الآخران فدلالتهما عليه بالمطابقة، وهو ظاهر، وعلى نفي الشمول التزاماً، عكس «ليس كل». انتهى المراد نقله. (ح).