هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[التقليد]

صفحة 629 - الجزء 3

  (قلنا) في الاحتجاج للمنع: (العلم) بالله تعالى وصفاته وغير ذلك (واجب) بالإجماع (فلو اقتضاه) التقليد (لزم النقيضان) فيكون كل واحد منهما حقاً، وهو محال، بيان ذلك: أنه إذا قلد اثنان اثنين⁣(⁣١) في المسائل المختلف فيها كحدوث العالم⁣(⁣٢) وقدمه كان المقلدان عالمين بهما، فيلزم حقيتهما.

  لا يقال: إنما يلزم حقيتهما لو كان كل مقلد فيه حقاً؛ لأنا نقول: مقدم الشرطية⁣(⁣٣) إفادة التقليد اليقين، فإذا جاز عدم إفادته فإنما تعلم إفادته بالنظر فيه لا بمجرد التقليد، وأيضاً يمتنع حصول العلم بالتقليد⁣(⁣٤)؛ لتجويز الكذب على المخبر، والمفتي بذلك مخبر غير معصوم، ولأنه إنما يفيد اليقين لو تيقن بجميع مقدماته ومن جملتها صدق المخبر، فالعلم به إما أن يكون ضرورياً أو نظرياً، لا


(قوله): «إذا قلد اثنان اثنين» يشير إلى أن لزوم حقية النقيض يفتقر إلى اعتبار تعدد المقلدين لا مع اتحاد المقلد كما ذكره في بعض شروح المختصر.

(قوله): «كل مقلد فيه» بفتح اللام، أي: كل حكم مقلد فيه.

(قوله): «مقدم الشرطية» وهي قوله: فلو اقتضاه؛ لأن المعنى فلو اقتضى التقليد العلم اليقين، ذكره المؤلف #.

(قوله): «فإنما تعلم إفادته» أي: إفادة التقليد لليقين «بالنظر فيه» أي: في المقلد فيه بفتح اللام، ويحتمل عود الضمير إلى ما أخبر به المقلد بفتح اللام؛ بدلالة السياق، وبيان ذلك⁣[⁣١]: أن العلم بكونه صادقاً فيما أخبر به إما أن يكون ضرورياً أو نظرياً، لا سبيل إلى الأول بالضرورة، وإذا كان نظرياً فلا بد له من دليل، والمفروض أنه لا دليل؛ إذ لو علم صدقه بدليل لم يكن تقليداً.

(قوله): «فالعلم به» أي: بصدق المخبر.


(١) ولم يقل: إذا قلد واحد اثنين لئلا يرد أن تقليد أحدهما مانع من تقليد الآخر عادة كما يمنع تواتر أحد النقيضين من تواتر الآخر. (فصول بدائع).

(٢) بأن يحصل لزيد العلم بحدوثه تقليداً للقائل به، ولعمرو العلم بقدمه تقليداً للقائل به؛ إذ العلم يستدعي المطابقة فيلزم حقية الحدوث والقدم. (شرح تحرير).

(٣) وهو قوله: فلو اقتضاه؛ لأن معناه لو اقتضى التقليد العلم اليقين. (منه).

(٤) وأما أن التقليد لا يحصل المعرفة الواجبة لجواز الكذب من المقلد بالفتح فكذلك النظر؛ لجواز الخطأ فيه؛ إذ الفرض أن المعرفة غير ضرورية. (مختصر وشرحه للجلال).


[١] يحقق هذا فهو خلط للدليلين، وقد ألم بهذا كلام المؤلف. (عن خط شيخه).