هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[التقليد]

صفحة 643 - الجزء 3

  الرجوع إلى ما يقوى له من أدلة المسائل وتعليلها وإن لم يكن مجتهداً كما عليه متفقهة زماننا.

  وإنما ذهب الذاهبون إلى هذا القول (لوجوب اتباع الظن) مع تعذر⁣(⁣١) اليقين، وأقوال المجتهدين عند المقلد كالأدلة عند المجتهد، فيدفع تعارضها بالترجيح، وليس إلا أن يكون قائله أفضل في ظنه، ولا يبعد دخوله في أحاديث الأمر بالاجتهاد؛ لأنه يمكنه الاجتهاد في أعلم المجتهدين⁣(⁣٢) وأدينهم بالتسامع والشهرة ورجوع العلماء إليه وإقبال الناس عليه، وذلك مما يطلع عليه بسهولة،


(قوله): «وإن لم يكن مجتهداً» أي: مجتهداً مطلقاً؛ إذ المميز بين الأدلة العارف بالراجح منها والمرجوح مجتهد في بعض المسائل على القول بتجزؤ الاجتهاد.

(قوله): «ولا يبعد دخوله في أحاديث الأمر بالاجتهاد» نحو قوله ÷ لابن مسعود: «فاجتهد برأيك» كما تقدم في القياس، وأمره ÷ لعقبة بن عامر وعمرو بن العاص أن يجتهدا في بعض الحوادث، وروي أنه أمر غيرهما، وما روي أنه قال لأبي موسى: «اجتهد رأيك» كما ذكره المؤلف # في مسألة وقوع الاجتهاد في عصره ÷. قلت: ودخوله في هذه الأحاديث من حيث إن حكمه على الواحد حكم على الجماعة أو من الإلحاق بالقياس.

(قوله): «مما يطلع عليه بسهولة» دفع لما في شرح المختصر من أن ترجيح العوام للمجتهدين وإن أمكن فهو عسر، وأن التسامع والشهرة ورجوع الناس إليه ليس مما يطلع عليه.


(١) في نسخة: بعد تعذر.

(٢) لكنه يلزم على المستفتي معرفة من هو في العلم أرجح، وهذا معنى الترجيح، والترجيح متعذر في حق العامي، فيلزم في حقه الحرج، ولا حرج في الدين. فإن قلت: هذا يفيد الجواز في حق العامي لا في حق غيره، وجواز تقليد المفضول يعم الكل، قلت: يجوز أن يكون مرادهم من إطلاق تجويز تقليد المفضول تقليد العامي، وأما غير العامي فلا يجوز له ذلك، ويؤيده تقييد تعذر الترجيح بالعامي، لكن الأوجه أن يكون غير العامي مثله في هذا التجويز؛ لأن معرفته مراتب من هو أعلا منه في العلم متعذرة⁣[⁣١]، والترجيح فرع ذلك، كيف والأعلم أحاط بما لم يحط به غيرهم ومن الجائز أنه إذا بلغ مبلغه انقلب رأيه فلا عبرة بترجيحه، ويؤيد ما قلنا ما نقل من أن المختار عند ابن الحاجب أنه كالعامي الصرف لعجزه عن الاجتهاد على ما ذكره في مسألة لزوم التقليد لغير المجتهد. (شرح تحرير).


[١] في شرح التحرير: لأن معرفته أقل مراتب على من هو أعلى منه في العلم فيتعذر.