[التقليد]
  فيكون طريقاً إلى قوة ظنه، وإذا لزمه الاجتهاد في تعرف أمر مفتييه(١) فله ثلاث حالات: الأولى: أن تظهر له أعلمية أحدهما (فيتبع الأعلم) منهما، أما إذا استويا في الورع فظاهر، وأما إذا كان ناقص العلم زائد الورع ففيه خلاف، فذهب الإمام المؤيد بالله والشيخ الحسن وحفيده إلى الترجيح بالأعلمية، وهو قول الجمهور، وذهب البعض إلى الترجيح بزيادة الورع؛ لأن شدة الورع تبعث على الاستقصاء في البحث عن مناط الحكم. وكلام الجمهور أولى؛ لأن المسألة مبنية على استوائهما في الورع المحتاج إليه في الاستقصاء والتعرف لحكم المسألة؛ بحيث لا يتسارع واحد منهما إلى الحكم قبل إيفاء النظر حقه، والزيادة المفروضة من وراء ذلك (ثم) إذا تساويا في العلم وكان أحدهما أشد ورعاً من الآخر كان (الأورع) أرجح بلا خلاف، وهاتان الخلتان هما المعتمد في الرجوع إلى رأي المجتهد، وزاد المؤيد بالله على ذلك مما يوجب التفاوت شدة البحث وجودة الخاطر وكون أحدهما أفرغ للبحث والآخر أكثر شغلاً. قال الدواري: ويقرب أن الاختصاص بالمنصب النبوي وجه ترجيح؛ لأن علم أهل البيت أعم بركة، وأنظارهم مقرونة بالإصابة، وهم مثبتون، بخلاف غيرهم؛ لشرف رسول الله ÷ (فإن استووا) عند العامي فيما ذكر من خصال الترجيح (على بعده) أي: الاستواء؛ لان الأغلب أنه لا يكاد ينفك التفاوت في المكلفين (فالجمهور) من الأصوليين (على التخيير) للمقلد في اتباع أيهم شاء(٢) وإن اختلفوا، فطائفة يخيرون في كل حادثة، وطائفة يخيرون إلى أول فتوى ثم يلتزمون قول صاحبها.
  احتج القائلون بالتخيير مطلقاً: بأن المستفتي لو لم يكن مخيراً مع استواء
(قوله): «الخلتان» الخلة بالفتح اسم للخصلة.
(١) في المطبوع: مفتيه.
(٢) في نسخة: أيهما شاء.