هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[التقليد]

صفحة 645 - الجزء 3

  المفتين لتعين عليه اتباع أحدهم⁣(⁣١) من غير مرجح، وهو تحكم باطل؛ لأن المفروض أن ليس بعضهم أولى من بعض في وجوب الاتباع.

  فإن قيل: استواء المجتهدين عند المقلد كاستواء الأمارتين عند المجتهد، فلم خيرتم هنا لا هناك؟

  فقد أجيب بأن المجتهد إذا طرح⁣(⁣٢) الأمارتين يجد مسلكاً آخر وهو قضية العقل، ولا كذلك المقلد، فلو اطرحهما انسد عليه حكم الحادثة.

  واحتج الآخرون: بأن عدم المزية لبعضهم على بعض يمنع الانتقال إلى غير المفتي؛ إذ لا وجه له إلا اتباع الهوى.

  وأجيب: بل وجهه اتباع الدليل من الكتاب والسنة والإجماع الموجب للرجوع إلى العلماء، والحق لا يقدح فيه موافقته للغرض.

  (و) الحق أنه (يجب) اتباع (الأحوط) من الأقوال⁣(⁣٣)، فإنه وجه مرجح


(قوله): «لا هناك» يعني فلم يخير بينهما، بل لزمه اطراحهما.

(قوله): «واحتج الآخرون» وهم القائلون بالتخيير إلى أول فتوى ثم يلزمه قول صاحبها.

(قوله): «يمنع الانتقال» يعني أنهم إذا كانوا مستوين كما هو المفروض وقد أفتاه مجتهد منهم أول فتوى امتنع الانتقال عنه إلى غيره؛ إذ لا يكون له وجه إلا اتباع الهوى، هذا هو المراد بهذا الاستدلال لهذا القائل، فلا يتوهم أن المراد بقوله: يمنع الانتقال يعني وهو جائز، فيفسد المعنى حينئذ.

(قوله): «وأجيب بل وجهه اتباع الدليل من الكتاب والسنة والإجماع» إشارة إلى قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}⁣[النحل: ٤٣]، وإلى ما سبق من وقوع الإجماع بلا نكير، وإلى قوله ÷: «بأيهم اقتديتم اهتديتم» فإن هذه الأدلة لم تفصل بين قبل الفتوى وبعده في جواز التخيير، لكن يقال: ولم تفصل أيضاً بين أن يستووا أو يكون بعضهم فاضلا وبعضهم مفضولا في صحة استفتاء من شاء.

(قوله): «والحق لا يقدح فيه موافقته للغرض» إذ العمدة اتباع الدليل.

(قوله): «والحق أنه يجب اتباع الأحوط» الظاهر أن هذه المسألة متعلقة بمسألة التخيير مع الاستواء؛ =


(١) في المطبوع: أحدهما.

(٢) في (ج، د): اطرح.

(٣) للأئمة المستويين، أما مع تفاوتهم فاللازم اتباع الأعلم الأورع وإن كان قوله أخف وأيسر كما هو ظاهر المتن والشرح، وقد أشار إلى ذلك سيلان |. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر).

(*) قال العلامة الجلال: أقوال المجتهدين عند المقلد كخصال الكفارة، فما وجه المنع؟ كيف وكان ÷ لا يخير بين أمرين إلا اختار أهونهما؟ (ضوء النهار).