هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في التزام المقلد لمذهب إمام واحد]

صفحة 650 - الجزء 3

  كالإمام المنصور بالله وشيخه⁣(⁣١) وغيرهما، فيكون الالتزام أقرب إلى الأخذ بما يقرب من الإجماع؛ لأن الأكثرين بين قائل بالندب وبالوجوب (وعورض) احتجاجهم على ما فيه (بإيجاب البعض للأحوط)⁣(⁣٢) من أقوال المجتهدين كوالدنا المنصور بالله # وغيره، وله فيه تفصيل مبسوط في إرشاده.

  (و) قد اختلف (في كونه) أي: المقلد يصير (ملتزماً) أو غير ملتزم، فعلى الأول يكون ملتزماً إما (بالعمل فيما عمله) خاصة كما ذهب إليه الجمهور، فإذا عمل العامي بقول مجتهد في حكم مسألة فليس له الرجوع عنه إلى غيره، وحكى


(قوله): «وغيرهما» صاحب جمع الجوامع، قال في الغيث: وأظنه عن أبي الحسين.

(قوله): «بما يقرب من الإجماع» هكذا في الوابل وشرح الفتح، والأولى في الاستدلال ما ذكره في شرح الأثمار للعلامة ابن بهران حيث قال: فيكون الالتزام أخذاً بالأحوط، وإنما كان أولى لما عرفت من التأمل الوارد على الاستدلال الأول، ولأن المعارضة التي ذكرها المؤلف # إنما تتم إذا استدل بالأحوطية، وهذه المعارضة لم يذكرها في الوابل وشرح الفتح وشرح الأثمار، بل اعتمدوا في دفع مقالة موجب الالتزام بأنه محجوج بالإجماع من جهة الصحابة، فإن العوام كانوا يسألون من صادفوه منهم عما عرض لهم من دون إلزام لهم بذلك ولا إنكار منهم على من لم يلتزم، وقد ذكر المؤلف # هذا الإجماع فيما يأتي رداً لمقالة من قال: يكون ملتزماً بالإفتاء، وهو أولى في رد هذه المقالة المذكورة هنا من المعارضة.

(قوله): «على ما فيه» أي: على ما في الاستدلال من عدم الانتهاض؛ لأنه ليس بحجة؛ إذ ليس من الأدلة الأربعة.

(قوله): «فيما عمله خاصة» لا فيما لم يعمله من سائر أقوال المجتهد فله العمل بقول من شاء.

(قوله): «كما ذهب إليه الجمهور» واختاره ابن الحاجب بأن التقليد عنده هو العمل بقول الغير من غير حجة، ثم قال: فإذا عمل العامي بقول مجتهد في حكم مسألة فليس له الرجوع عنه إلى غيره اتفاقاً، وأما في حكم مسألة أخرى فهل له أن يقلد غيره؟ المختار جوازه؛ للقطع بوقوعه في زمن الصحابة ولم ينكر، ثم قال: فلو التزم مذهباً معيناً وإن كان لا يلزمه كمذهب مالك ففيه ثلاثة مذاهب: أولها: يلزمه، وثانيها: لا يلزمه، وثالثها وهو المختار: أنه كمن لم يلتزم؛ إن وقعت واقعة فقلده فيها فليس له الرجوع، وأما في غيرها فيتبع فيها من شاء، إذا عرفت هذا ظهر لك أن التقليد عند ابن الحاجب غير الالتزام؛ إذ لا حكم للالتزام عند ابن الحاجب، بخلاف التقليد، وقد أشار المؤلف # إلى هذا بقوله فيما يأتي: ولا فرق بينهما إلا عند من ينفي اللزوم بالالتزام؛ لأنه يجعل العامل مقلداً ولا يجعل للالتزام معنى. قلت: ويظهر أيضاً مما ذكرنا أن قول شارح الأثمار: وهذا التفسير للثلاثة⁣[⁣١] هو الصحيح الذي لا يقع فيه تناقض كما وقع في كلام مختصر المنتهى وبسببه اضطرب كلام الإمام في الغيث وجعل التقليد عند ابن الحاجب هو الالتزام - غير متوجه؛ إذ لا تناقض في كلام ابن الحاجب كما عرفت.


(١) الشيخ الحسن الرصاص. (عن خط العلامة الجنداري وغيره).

(٢) هذه المعارضة ظاهرة على ما في شرح الأثمار من الاحتجاج للقائل بالوجوب بأنه أخذ بالأحوط فتأمل.


[١] الاستفتاء والتقليد والالتزام كما سيأتي اهـ منه.