هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(التصديقات)

صفحة 218 - الجزء 1

  للمقدم باعتبار اقترانه بالأمور التي يمكن اجتماعه معها، فإن المجتمعين يحصل لكل منهما وضع بالقياس إلى الآخر، وهو كونه مجتمعاً معه ومقارناً إياه، فإذا قلنا: كلما كان زيد إنساناً كان حيواناً فمعناه أن لزوم حيوانيته لإنسانيته ثابت مع كل وضع يمكن أن يحصل مع إنسانية زيد لأجل كونه قائماً أو قاعداً أو كائناً أو ضاحكاً وكون الشمس طالعة أو غير طالعة إلى غير ذلك.

  وإذا قلنا: قد يكون إذا كان الشيء حيواناً فهو إنسان فمعناه أن لزوم إنسانيته لحيوانيته إنما يكون على وضع كونه ناطقاً أو ضاحكاً، لا على وضع كونه صاهلاً أو ناهقاً.

  وسور الموجبة الكلية في المتصلة: كلما ومهما ونحوهما، وفي المنفصلة: دائماً.


= وإنما اعتبر إمكان الاجتماع مع المقدم دون إمكان تلك الأمور في أنفسها لأن تلك الأمور ربما كانت ممتنعة في نفس الأمر لكنها تكون ممكنة الاجتماع مع المقدم، فإنك إذا قلت: كلما كان زيد حماراً كان جسماً، كان معناه: أن الجسمية لازمة لحماريته على جميع الأوضاع الممكنة الاجتماع مع حماريته ككونه ناهقاً، مع أن كون زيد ناهقاً ليس ممكناً في نفس الأمر وإن كان ممكن الاجتماع مع حماريته [بحيث لو وجدت حماريته وجدت الناهقية].

(قوله): «لأجل كونه قائماً» الظاهر أن يقال: مثل كونه ممكناً.

(قوله): «كلما ومهما ونحوهما ... إلخ» وأمثلة هذه الأقسام على ترتيب المؤلف #: كلما أو مهما أو متى كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.

ودائماً إما أن تكون الشمس طالعة أو لا.

وقد يكون إذا كانت⁣[⁣١] الشمس طالعة كان النهار موجوداً.

وقد يكون إما أن تكون الشمس طالعة وإما أن يكون الليل موجوداً.

وليس البتة إذا كانت الشمس طالعة فالليل موجود.

وليس البتة إما أن تكون الشمس طالعة وإما أن يكون النهار موجوداً.

وقد لا يكون إذا كانت الشمس طالعة كان الليل موجوداً.

وقد لا يكون إما أن تكون الشمس طالعة وإما أن يكون النهار موجوداً.


[١] هذه صادقة لصدقها كلية، فالأولى أن يمثل لها بجزئية لا تصدق كلية، فيقال: قد يكون إذا كان هذا الشيء حيواناً كان إنساناً، بجعل المقدم الأعم والتالي الأخص، وكذا الثانية فيقال مثلاً: قد يكون إما أن يكون هذا الشيء حيواناً وإما أن يكون إنساناً، وكذا الكلام في الجزئيين السالبين مثلاً: قد لا يكون إذا كان هذا الشيء عدداً كان منقسماً بمتساويين، وفي المنفصلة: قد لا يكون إما أن يكون هذا الشيء عدداً وإما أن لا يكون منقسماً بمتساويين، والله أعلم. (إملاء ح عن خط شيخه).