هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسالة: في جهات الترجيح بحسب المتن]

صفحة 669 - الجزء 3

[مسالة: في جهات الترجيح بحسب المتن]

  (مسألة: و) أما جهات الترجيح بحسب المتن فمنها: (النهي فالأمر فالإباحة) أما ترجيح النهي على ما بعده فلأنه لدفع المفسدة، والأمر لجلب المصلحة سواء أدركت الجهتان أم لم تدركا؛ لما عرفت من ابتناء الأحكام على المصالح، والعقلاء بدفع المفاسد أشد اهتماماً منهم بجلب المصالح⁣(⁣١)؛ ولهذا كان شرع العقوبات لفعل المحرم أكثر منها لترك الواجب، ولأن إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتم؛ لأنه يحصل بالترك مع القصد وعدمه⁣(⁣٢)، بخلاف فعل الواجب، ولأن النهي للدوام دون الأمر ولقلة محامل لفظ النهي دون الأمر لما عرفت من زيادة المعاني المجازية في الأمر⁣(⁣٣) على المعاني المجازية في النهي⁣(⁣٤) وزيادة ما اختلف فيه من معاني الأمر الحقيقية⁣(⁣٥) على معاني النهي الحقيقية⁣(⁣٦).


(قوله): «أكثر منها لترك الواجب» إذ كثير من الواجبات لا عقوبة في تركها⁣[⁣١]، كترك صوم يوم وترك صلاة واحدة وترك إنكار منكر أو أمر بمعروف ونحو ذلك.

(قوله): «مع القصد وعدمه» ظاهره أن عدم المحرم من دون قصد قد حصل به مقصود الحرمة، وهو هكذا في السعد نقلا عن الآمدي، ذكره في الترجيح بحسب المدلول حيث قال في تقديم الحضر على الندب: ولأن إفضاء الحرمة إلى المقصود أتم لتأتيه بالترك وإن لم يقصد.

(قوله): «ولأن النهي للدوام دون الأمر» فيخرج عن العهدة في الأمر بمرة، بخلاف النهي، فيرجع للاحتياط.

(قوله): «ولقلة محامل لفظ النهي ... إلخ» فإن الأمر يستعمل في ستة عشر معنى، والنهي في ثمانية.

(قوله): «وزيادة ما اختلف فيه ... إلخ» لأن النهي متردد بين التحريم والكراهة، والأمر بين الوجوب والندب والإباحة على بعض الآراء، ذكره السعد.


(١) وذلك واضح، فإن دفع الضرر أهم من استجلاب النفع؛ لأن دفع الضرر واجب، بخلاف جلب النفع. (منهاج).

(٢) العدم بدون قصد ليس من مقصود الحرمة.

(٣) إذ هي أحد عشر معنى.

(٤) إذ هي ستة.

(٥) إذ هي خمسة.

(٦) إذ هي ثلاثة: التحريم والكراهة والاشتراك بينهما.


[١] يعني عقوبة مشروعة. (حسن بن يحيى).