هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسالة: في جهات الترجيح بحسب المتن]

صفحة 676 - الجزء 3

  لاختصاصها بقصد التكلم، وأما الثالثة فلما في الرابعة من الاختلاف، وتجويز أن لا يكون أولى أو مساوياً، ولذا اختلف في إلحاق قتل العمد بالخطأ والغموس بالمعقودة في وجوب الكفارة، وأما الرابعة فلأن مفهوم الموافقة أقوى من مفهوم المخالفة؛ ولهذا لم يقع فيه اختلاف من جهة العمل وإن اختلف فيه من جهة كون دلالته بالمفهوم أو بالقياس أو بالمجاز بالقرينة أو بالنقل العرفي، بخلاف مفهوم المخالفة فالخلاف في العمل به ظاهر. واختار الهندي ومن وافقه أن مفهوم المخالفة أرجح من مفهوم الموافقة، قالوا: لأن المخالفة تفيد تأسيساً، بخلاف الموافقة، وفيه نظر، بل كل منهما يفيد التأسيس، غاية الأمر أن ما تفيده المخالفة مخالف للحكم المنطوق، وما تفيده الموافقة موافق له، واتحاد نوع المنطوق والمفهوم في مفهوم الموافقة دون مفهوم المخالفة لا يخرجه إلى التأكيد.

  (و) منها: (الخاص) فإنه يرجح على العام إذا تعارضا؛ لأنه أقوى دلالة على ما يتضمنه من دلالة العام عليه؛ لاحتمال تخصيصه منه، وهكذا الخاص من وجه يقدم على العام من كل وجه⁣(⁣١)، وهكذا إذا لزم في أحدهما تخصيص العام وفي الآخر تأويل الخاص قدم


(قوله): «واتحاد نوع المنطوق والمفهوم» كالإيذاء في قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}⁣[الإسراء: ٢٣].

(قوله): «ومنها الخاص فإنه يرجح على العام» وقد تقدم ما فيه من الخلاف وأنهما يطرحان عند الجمهور إذا تعارضا من كل وجه.

(قوله): «وهكذا الخاص من وجه» نحو قوله ÷: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»، مع قوله: «فيما سقت السماء العشر» فالأول أخص.

(قوله): «يقدم على العام من كل وجه» هكذا في المنهاج، وينظر في هذه النسبة فإنها لم تكن إحدى النسب الأربع⁣[⁣١] المشهورة، ولعله بحذف كل⁣[⁣٢].

(قوله): «وفي الآخر تأويل الخاص» مثاله قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج: ٧٨] مع قوله ÷: «في كل أربعين شاة شاة» فيلزم تخصيص الآية بالخبر، فتجب شاة بعينها، ولا يؤول الخاص بتجويز دفع القيمة.


(١) كذا في العضد. اهـ والمراد أن الخاص مقدم مطلقاً؛ لأن الخاص أقوى فكذا ما هو أقرب إليه، مثاله قوله ÷: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» مع قوله: «فيما سقت السماء العشر». (رفواً). ومثل بعضهم هنا بما صورته: كل ما أسكر بالخلقة فهو حلال، والعام من كل وجه نحو: كل مسكر حرام، فالأول خاص من وجه، وهو كونه مقيداً بالخلقة، عام من وجه، وهو كونه يعم كل مسكر من غير الخلقة، فيرجح العام من وجه على العام من كل وجه.


[١] ولا يخفى أنه داخل في العموم والخصوص مطلقا، والله سبحانه أعلم. (ح).

[٢] لكن على تقدير حذف كل يصير المتعارضان كل منهما أعم من وجه وأخص من وجه فلا وجه لتقديم أحدهما على الآخر، وقد مر في آخر مباحث العام طريقة الترجيح فيهما. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر).