[مسالة: في جهات الترجيح بحسب المتن]
  قوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ}[البقرة: ٢]: إن قراءة الفتح توجب الاستغراق، وقراءة الرفع تجوزه، ولأجله عكس بعضهم فقال بتقديم النكرة المنفية على العام الشرطي.
  وظاهر إطلاقات الأصوليين أن النكرة المنفية تقدم على لفظ كل، وفيه نظر، فإنه قد حكى بعضهم الاتفاق على أن لفظ كل(١) يقدم عليها. والظاهر أن تقديم ما يقدم من العام الشرطي والنكرة المنفية بلا التي لنفي الجنس ولفظ كل موضع اجتهاد. وكل منها(٢) مقدم على ما يعم بالقرينة كالجمع المحلى باللام اتفاقاً. فإن قيل: قد تقدم أنها جميعاً حقائق في العموم، والحقيقة غنية عن القرينة. قلنا: أما إذا كانت مشتركة كذوات اللام والموصول والمضاف إلى المعرفة فحاجتها إلى القرينة ظاهرة، وإلا فإن اللفظ قد يشتهر ويكثر استعماله في معناه المجازي حتى يعارض المعنى الحقيقي، ولا شبهة حينئذ في احتياجه إذا أريد معناه الحقيقي إلى القرينة.
  (و) منها: (الجمع) المعرف (باللام) أو بالإضافة (و) الاسم (الموصول) كمن وما الموصولتين وهكذا الاستفهاميتان فإنها تقدم (على الجنس) المعرف (باللام)(٣) أو بالإضافة(٤)؛ لأن تلك لا تحتمل العهد أو تحتمله على بعد،
(قوله): «وإلا فإن اللفظ ... إلخ» أي: وإن لم يعتمد ما تقدم من أن الحقيقة غنية عن القرينة فالمعنى الحقيقي قد يحتاج إلى القرينة إذا عارضه المعنى المجازي، وهذا الكلام غريب[١] فيبحث عنه إن شاء الله تعالى، وقد تقدم ما عرفت من المنقول عن المنهاج.
(١) في (أ): على كل. وفي (ج): على كل لفظ.
(٢) في المطبوع: منهما.
(٣) مثاله: اقتلوا المشركين، أو من أشرك فاقتلوه، مع ما لو قيل: المشرك لا يقتل. وكذا ما خرج من السبيلين فهو حدث، مع ما لو قيل: الخارج من السبيلين ليس بحدث. (رفواً).
(٤) في المطبوع: وبالإضافة.
[١] يقال: قد ذكره صاحب فصول البدائع فلا غرابة، وفرق بين ما نقل عن المنهاج وما هنا؛ إذ ما مضى في الأشهر مع كون الآخر المقابل مشهوراً، بخلاف ما هنا فإنه في المشهور وإن لم يكن مقابله مشهوراً فتأمل. (عن السيد العلامة أحمد بن محمد بن إسحاق).