[مسألة: في جهات الترجيح بحسب المدلول]
  فبالأولى أن يسقط لتعارض الخبرين مع عدم تقدم ثبوته. وعن المتكلمين تقديم موجب الحد نظراً إلى أن فائدة العمل بالموجب التأسيس، وبالدارئ التأكيد. وذهب أبو طالب # والغزالي إلى أنهما سواء؛ لأن الشبهة لا تؤثر في ثبوت مشروعيته(١)؛ بدليل أنه يثبت بخبر الواحد والقياس مع قيام الاحتمال، وإنما تسقط الشبهة الحد إذا كانت في نفس الفعل الموجب له.
  وأما تقديم ما تضمن إثباتاً على ما تضمن نفياً فلاشتمال المثبت على زيادة علم، ولأن فائدته التأسيس، بخلاف النافي. وذهب الآمدي إلى تقديم النافي على المثبت؛ لاعتضاد النافي وهو المقرر بالأصل، بخلاف الناقل، ولوجه آخر وهو أن العمل بالمقرر حكم بتأخره عن الناقل فيكونان للتأسيس، بخلاف العكس فإنه يقتضي الحكم بتأخر الناقل فيكون المقرر للتأكيد، وحملهما معاً على التأسيس أولى من حمل أحدهما على التأكيد. وذهب القاضي عبدالجبار إلى أنهما سواء، مصيراً منه إلى أن المثبت وإن ترجح بالوجهين السابقين فالنافي يترجح أيضاً بالوجهين الآخرين، فيتعارضان، مثالهما خبر بلال أن النبي ÷ دخل البيت
(قوله): «وبالدارئ التأكيد» إذ الأصل براءة الذمة فلو ورد خبر بحد آتي البهيمة وآخر بأنه لا يحد كان المثبت عنده أولى.
(قوله): «وهو المقرر» بكسر الراء اسم فاعل أي: المقرر للبراءة الأصلية، وقوله: «بالأصل» متعلق بالاعتضاد أي: بأن الأصل النفي، وقوله: «بخلاف الناقل» وهو المثبت.
(قوله): «وهو أن العمل بالمقرر» وهو النافي.
(قوله): «حكم بتأخره عن الناقل» وهو المثبت.
(قوله): «فيكونان للتأسيس» لأنه إذا اعتبر كون النافي متأخراً في الورود حتى يكون العمل به كان تأسيساً للعدم بعد الوجود أي: وجود المثبت، وأما التأسيس في المثبت فظاهر.
(قوله): «بخلاف العكس» وهو العمل بالمثبت.
(قوله): «فإنه يقتضي الحكم بتأخر الناقل» وهو المثبت.
(قوله): «فيكون المقرر» وهو النافي للتأكيد أي: لتأكيد البراءة الأصلية.
(قوله): «بالوجهين السابقين» وهما زيادة العلم والتأسيس.
(قوله): «بالوجهين الآخرين» اعتضاد النافي بالأصل وكونهما للتأسيس.
(١) في نسخة: سقوط مشروعيته.