هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جهات الترجيح بحسب المدلول]

صفحة 684 - الجزء 3

  وصلى وخبر أسامة أنه دخل ولم يصل.

  وأما تقديم ما يوجب طلاقاً أو عتقاً على ما يوجب عدمهما فهو مذهب الشيخ أبي الحسن الكرخي وأبي الحسين البصري وأبي القاسم البلخي وغيرهم، ووجهه أن البينتين إذا تعارضتا في ذلك كانت بينة العتاق والطلاق أولى فكذلك الخبران. وذهب بعض الأصوليين إلى عكس ذلك؛ لكون النافي على وفق الدليل المقتضي لصحة النكاح وإثبات ملك اليمين المترجح على الدليل المقتضي لنفيهما بإفادة التأسيس. وذهب السيد أبو طالب والإمام يحيى والقاضي عبدالجبار والحاكم والشيخ الحسن إلى أنهما سواء؛ لأن كل واحد منهما مفيد لحكم شرعي، فلا وجه لترجيح أحدهما على الآخر من هذا الوجه، وتلك الوجوه متعارضة.

  وأما تقديم الحكم التكليفي على مقابله الذي هو حكم الوضع فالأصوليون فيه فريقان، منهم من يذهب إلى ما ذكرناه؛ لأن التكليفي مقصود بالذات، ومحصل للثواب، وأكثر من الأحكام الوضعية، ومنهم من يعكس ذهاباً إلى أن الوضعي لا يتوقف على ما يتوقف عليه التكليفي من فهمه والتمكن من فعله.

  وأما تقديم الحكم الأشق على الأخف ففيه خلاف أيضاً، والمختار تقديم الأشق؛ لزيادة مصلحة الأشق، وكثرة ثوابه⁣(⁣١)، وكون المقصود منه آكد من مقصود الأخف، وظهور تأخره لتأخر التشديدات؛ ولهذا وجبت العبادات


(قوله): «المترجح» أي: الدليل المقتضي لصحة النكاح ... إلخ.

(قوله): «بإفادة التأسيس» متعلق بالمترجح.

(قوله): «من هذا الوجه» أي: من حيث الإفادة لحكم شرعي.

(قوله): «وتلك الوجوه» أي: وجوه ترجيح موجب الطلاق والعتاق، وترجيح العكس، لكن لم يتقدم في كل واحد إلا وجه واحد، فينظر.

(قوله): «وأما تقديم الحكم التكليفي على مقابله» مثاله قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}⁣[البقرة: ١٨٤]، فإنه يدل على جواز الترخيص للعاصي بسفره فيرجح على ما لو قيل: العصيان بالسفر سبب لعدم الترخيص.


(١) لقوله ÷ لعائشة: «ثوابك على قدر نصبك». (رفواً).