هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جهات الترجيح بحسب أمر خارج]

صفحة 686 - الجزء 3

[مسألة: في جهات الترجيح بحسب أمر خارج]

  (مسألة: و) أما جهات الترجيح بحسب أمر خارج فمنها أنه يقدم (الموافق لدليل أو) لفعل (الوصي) كرم الله وجهه⁣(⁣١) (أو) لما ذهب إليه (الأكثر أو) لمذهب (الأعلم) يقدم كل مما ذكر على مقابله، أما الأول فنحو أن يكون أحد الحديثين موافقاً لظاهر الكتاب دون الآخر، فيكون الأول أولى بالاعتبار، نحو حديث: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها» يعارضه حديث النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة، لكن الأول تعضده ظواهر من الكتاب مثل قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ}⁣[البقرة: ٢٣٨]، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}⁣[آل عمران: ١٣٣]، ونحو: أن يكون أحد الحديثين موافقاً لآخر دون الآخر، كحديث: «لا نكاح إلا بولي» مع حديث: «ليس للولي مع الثيب أمر»، فإن الأول موافق لحديث: «أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل ..» الحديث، ونحو أن يكون أحدهما موافقاً للقياس دون الآخر، وكذا موافقة أحدهما لدليل العقل دون الآخر، إلا أن يكون مما يجوز تغيره ففيه ما تقدم من الخلاف هل يعمل بالناقل أو بالمقرر، والوجه أن الموافقة لدليل آخر تقوي الظن بمدلول الموافق، والعمل به لا يستلزم إلا مخالفة دليل واحد، والعكس يستلزم مخالفة دليلين. وروى في فصول البدائع عن أبي حنيفة وأبي يوسف عدم اعتبار كثرة الأدلة، واختاره، واحتج له بحجج لا تقاوم ما ذكرناه من زيادة قوة الظن بالكثرة.

  وأما الثاني فكتقديم رواية من روى في تكبيرات العيدين سبعاً وخمساً على رواية من روى أربعاً؛ لأن الأول وافقه عمل علي كرم الله وجهه، وقد شهد له الرسول ÷ بكون الهدى والحق معه، وشهادة الرسول أبلغ في تقوية الظن من كثير مما ذكرناه من وجوه الترجيح.


(١) لمكان عصمته، ومن ثمة قدم حديث طلق بن علي على حديث بسرة في النقض بمس الذكر لقول علي كرم الله وجهه: (ما أبالي أذكري مسست أم أنفي). (من شرح الغاية لجحاف).