[مسألة: في جهات الترجيح بحسب أمر خارج]
  وأما الثالث فيرجح الموافق لعمل الأكثر على خلافه؛ لقوة الظن في الموافق، لبعد غفلة الأكثرين عن الراجح، وقيل: لا ترجيح(١) بذلك؛ لأنه ليس بحجة.
  وأما الرابع فلأن الأعلم أخبر بالتأويل، وأعرف بمواقع الوحي والتنزيل.
  (و) منها: أنه يقدم الدليل (الراجح دليل تأويله و) الدليل (المعلل و) الدليل (الأمس بالمقصود و) الدليل (المفسر من) جهة (راويه) بقول أو فعل (و) الدليل (المتأخر بقرينة) فيقدم (كل) مما ذكر (على مقابله) فإذا كان الدليلان مؤولين وكان دليل التأويل في أحدهما أرجح من دليل تأويل الآخر كان الأرجح دليل تأويله أولى(٢)؛ لكون التأويل حينئذ أقرب كما تقدم.
  وهكذا إذا كان أحدهما دالاً على الحكم والعلة والآخر على الحكم وحده فإن الأول أولى؛ لأنه أفضى(٣) إلى مقصود الشارع بسبب سهولة الانقياد وسرعة القبول حينئذ لكونه معقول المعنى، ولأن دلالته على الحكم من جهتين؛ لأن دلالته على العلة دلالة على الحكم أيضاً بالواسطة(٤).
(قوله): «لان دلالته على العلة دلالة على الحكم» مثاله حديث البخاري: «من بدل دينه فاقتلوه» مع حديث الصحيحين: «نهي عن قتل النساء والصبيان» فقد نيط الحكم في الأول بوصف التبديل المناسب، ولا وصف في الثاني، فحملنا النساء فيه على الحربيات.
(١) في نسخة: لا يرجح.
(٢) مثاله: تأويل ما روي عنه ÷ أنه قال: «سترون ربكم ..» الخبر، وما روي عنه ÷ أنه قال: «إنكم لن تروا الله في الدنيا ولا في الآخرة»، فتأولت المعتزلة الأول بالعلم، أي: تعلمون ربكم، وتأول مخالفوهم الآخر بتقليب الحدقة السليمة في جهة يختص بها، فدليل تأويل المعتزلة أرجح؛ لموافقته الدليل القاطع من العقل والسمع. (منهاج). ومثال آخر: ما روي عن علي كرم الله وجهه في إثبات العول: (عاد ثمنها تسعاً يا ابن الجدعاء)، وروي عنه: (لا تنقص الزوجة عن الثمن) فتؤول الأول بأنه قاله على سبيل التبكيت لمثبتي العول، وتؤول الثاني بأن المراد مع عدم موجب النقص، والثاني أرجح؛ لشهرة الرواية عنه # بالعول، ولأن حمل الأول على التبكيت حمل على المجاز.
(٣) في نسخة: لكونه أفضى.
(٤) كقوله ÷: «هلا أخذتم أهابها فدبغتموه فانتفعتم به» فقالوا: إنها ميتة فقال: «إنما حرم من الميتة أكلها» مع قوله: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب». اهـ قال في بعض الحواشي هنا: إن قوله: «فدبغتموه» علة، والحكم فانتفعتم به.