[الترجيح بين القياسين]
  وهو المزاحم الذي لم يرجح على مزاحمه(١)؛ لما تقدم(٢) (و) يرجح (قوي موجب النقض) من الأوصاف على مقابله، وهو ما لم يكن موجب النقض فيه قوياً فإذا انتقض علتان متعارضتان وكان موجب التخلف في إحداهما من مانع أو عدم شرط أقوى من موجب نقض الأخرى(٣) أو كان موجب نقض إحداهما قوياً وموجب نقض الأخرى محتملاً(٤) فإنه يقدم الأقوى والقوي، والوجه ما تقدم
(قوله): «لما تقدم» من غلبة الظن، فإن الراجح على مزاحمه أغلب على الظن من مقابله.
(قوله): «وقوي موجب النقض» يعني إذا انتقض العلتان وكأن موجب التخلف في إحداهما في صورة النقض قوياً وفي الأخرى ضعيفاً أو محتملاً قدم الأول.
(قوله): «والوجه ما تقدم» من أغلبية الظن؛ لأن تخلف الحكم مع قوة موجب النقص يوجب غلبة الظن بالمقتضي، وهو العلة.
(١) مثاله: قول الحنفي: قرابة واجبة الصلة فيعتق عليه كالولادة، مع قول الشافعي: قرابة فلا يعتق كابن العم، فيقول الحنفي: إنما لم يعتق ابن العم لأنه ملحق بالأجنبي في جواز النكاح والسرقة وغيرهما، فيقول الشافعي: وكذلك إنما يعتق في الولادة للجزئية، فيقول الحنفي: مزاحمي قوي؛ لأن الملحق بالأجنبي لا يلزم من استلزامه الرق فيه محذور، بخلاف الخالة والعم فإن الشرع ألحقهما بالأب والأم، والتحقيق أن الرق مناف لصلة الرحم لاستذلاله بالرق، ونحن مأمورون بصلة الرحم وبلها، ومزاحم الشافعي ليس له مثل هذه القوة. (نيسابوري).
(٢) في نسخة: كما تقدم.
(٣) مثاله: ملك من ليس المعتق متفرعاً عنه فلا يعتق كابن العم، فإنه منتقض بالأولاد؛ لأنهم يعتقون على الأب مع أن الأب غير متفرع عنهم، مع قوله: ملك ذا راحم محرم فيعتق عليه كالأب، فإنه منقوض بابن العم الرضيع، والنقض في الأول لمانع متحقق، وهو كون الولد جزأه، وفي الثاني لفوات شرط، وهو كون المحرمية بالرحم، إلا أن موجب النقض في الأول أقوى، وفي الثاني ضعيف؛ لأن تأثير الجزئية في العتق أظهر من تأثير قوة المحرمية في عدم العتق، فيرجح الأول لقوة موجب النقض فيه. (نيسابوري).
(٤) مثاله في الدم: خارج نجس من الآدمي فتبطل طهارته قياساً على البول، مع قوله: خارج نجس من غير السبيلين فلا ينقض الوضوء كالقيء القليل، فالأول منقوض بصاحب العذر، والثاني بثقبة تحت المعدة، والمانع في الأول متحقق، وهو وجوب العذر الذي جعل الشرع معه خروج النجس كعدمه للضرورة، وفوات الشرط في الثاني غير متحقق، بل يحتمل، والشرط أن يكون المخرج الذي يخرج منه النجس قائماً مقام أحد المسلكين المعتادين. (رفواً).