[أحكام القضايا]
  والمراد بالقضايا قضيتان أو أكثر، ويخرج به القضية الواحدة المستلزمة لعكسها أو عكس نقيضها وإن كانت مركبة(١)؛ إذ تسمى عرفاً قضية لا قضيتين.
(قوله): «قضيتان أو أكثر» يعني أن المراد بالقضايا ما فوق القضية الواحدة، وكذا كل جمع يستعمل في التعريفات، ومثال الأكثر قولنا: النباش أخذ المال خفية، وكل أخذ المال خفية سارق، وكل سارق يقطع، فهذا مؤلف من ثلاث قضايا يلزم عنها قول آخر، وهو: النباش تقطع يده، والأول يسمى قياساً بسيطاً، والثاني قياسا مركباً من قياسين[١].
(قوله): «المستلزمة لعكسها» نحو: كل إنسان حيوان المستلزمة لعكسه[٢] نحو: بعض الحيوان إنسان. ومثال القضية الواحدة من الموجهات المستلزمة لعكسها: كل كاتب متحرك الأصابع ما دام كاتباً، فهذه مشروطة عامة، وعكسها حينية مطلقة[٣] وبيان ذلك معروف في موضعه.
(قوله): «وإن كانت مركبة» الوحدة لا تنافي التركيب في العرف، وإنما تنافيه البساطة، فلا إشكال في إدخال المركب تحت القضية الواحدة كما ذلك مقتضى العبارة. واعلم أن القضية المركبة إنما تكون في الموجهات، ولم يتعرض المؤلف لمباحثها، وهي التي اشتملت على حكمين مختلفين بالإيجاب والسلب معاً، نحو: كل كاتب متحرك الأصابع ما دام كاتباً لا دائماً، فإنها قد تركبت من مشروطة عامة وهي الجزء الأول، ومن سالبة مطلقة عامة وهي الجزء الثاني، أعني قولنا: لا دائماً، وتحقيق ذلك معروف في موضعه. =
(١) الوحدة لا تنافي التركيب في العرف؛ فلهذا قيد الوحدة بقوله: وإن كانت مركبة، وإنما الذي يقابل المركبة هو البسيطة، وعبارة اليزدي أصرح في ذلك حيث قال: وبقوله: «من قضايا» أخرج القضية الواحدة المستلزمة لعكسها أو عكس نقيضها، أما البسيطة فظاهر، وأما المركبة فلأن المتبادر من القضايا الصريحة، والجزء الثاني من المركبة ليس كذلك، أو لأن المتبادر من القضايا ما يعد في عرفهم قضايا متعددة.
[١] في بعض حواشي إيساغوجي ما لفظه: قوله: «لتركبه من قياسين» أي: بسيطين؛ لأن فيه قضية مطوية، وأصله: كل نباش آخذ للمال خفية، وكل آخذ كذلك سارق، فكل آخذ كذلك سارق، فهذه نتيجة القياس الأول، فتجعل صغرى وتضم إليها كبرى: السارق تقطع يده، فهذا قياس آخر. وكتب بعضهم ما نصه: قوله: «لتركبه من قياسين» الأول: النباش آخذ للمال خفية، وكل آخذ للمال خفية سارق، فهذا قياس ينتج: النباش سارق. والثاني: كأن يقال: النباش سارق، وكل سارق تقطع يده، ينتج النباش تقطع يده. (ح).
[٢] أي المستوي نحو: بعض الحيوان إنسان، ويستلزم عكس نقيضه وهو: كلما ليس بحيوان ليس بإنسان. وكتب بعضهم ما نصه: قوله: «وعكس نقيضه» أي: القول الواحد، نحو: كل إنسان حيوان، ينعكس بعكس النقيض الموافق إلى قولك: كلما ليس بحيوان ليس بإنسان، فهذه القضية وهي الموجبة الكلية المعدولة الطرفين لازمة للأصل كما تقدم، فلا يسمى الأصل وهو قولنا: بعض الحيوان إنسان[٠] قياساً؛ لكونه قولاً واحداً وإن لزمه قول آخر، وهو العكس. وينعكس بعكس النقيض المخالف - وهو تبديل الطرف الأول بنقيض التالي، والتالي بعين الأول - إلى قولنا: لا شيء مما ليس حيواناً بإنسان، فهذه القضية السالبة عكس قولنا: كل إنسان حيوان لازمة له، فلا يسمى الأصل أيضاً قياساً؛ لكونه قولاً واحداً. اهـ من بعض حواشي إيساغوجي. (ح).
[٠] الظاهر أن يقال: وهو قولنا: كل إنسان حيوان.
[٣] نحو: بعض متحرك الأصابع كاتب حين هو كاتب. (سيدي أحمد).