[أحكام القضايا]
  والمظنونات، وهي قضايا يحكم العقل بها اتباعاً للظن، كقولك: فلان يطوف بالليل فهو سارق، والغرض منه ترغيب القاصر عن درك البرهان فيما ينفعه من تهذيب الأخلاق وأمر الدين، والتنفير عما يضره، وأكثر من يستعمله الخطباء والوعاظ.
  (والثاني إن أفاد جزماً يقينياً فبرهان) ومادته اليقينيات، أي: هن منتهاه(١)، واليقينيات بالاستقراء ست(٢): بديهيات، ومشاهدات، وفطريات،
(قوله): «والمظنونات» مقابلتها بالمقبولات من قبيل مقابلة العام بالخاص[١] والمراد به ما سوى الخاص.
(قوله): «عن درك البرهان[٢]» متعلق بالقاصر.
(قوله): «فيما ينفعه» متعلق بترغيب.
(قوله): «ومادته اليقينيات» اليقين: هو التصديق الجازم المطابق الثابت. فباعتبار التصديق لم يشمل الشك والوهم والتخييل، وبقيد الجزم أخرج الظن، والمطابقة الجهل المركب، والثابت التقليد. ثم المقدمات اليقينيات إما بديهيات او نظريات منتهية إلى البديهيات؛ لاستحالة الدور والتسلسل، هكذا ذكره المحقق اليزدي، فعرفت من كلامه أن اليقينيات قسمان بديهيات ونظريات، وقد ذكر ذلك الشريف في حواشي شرح المختصر حيث قال: مقدمات البرهان قطعية، ولا يجب من ذلك كونها ضرورية؛ إذ النظريات قد تكون قطعية.
وأما المؤلف # فإنه أغفل النظريات من اليقينيات، ثم قال: ومادته - أي: البرهان - اليقينيات، وفسر المادة بكونهن منتهاه، ولا يخلو عن تأمل[٣]، وأن مادة الشيء ما يتألف منه الشيء لا ما ينتهي إليه، ولو سلم صحة ذلك مجازاً فكون اليقينيات منتهى البرهان لا يخلو عن تسامح؛ فإن المنتهى إنما هو البديهيات من اليقينيات للبرهان الذي مقدماته قطعية نظرية لا مطلقاً[٤] كما عرفت.
(١) يعني أنه ينتهي إليها وإن كانت مقدماته غير يقينية.
(*) وعبارة العضد: ولا بد من انتهاء مقدماته القطعية إلى الضروريات، وإلا لزم التسلسل والدور. اهـ قال الشريف: ومقدمات الأمارة لا بد أن تنتهي أيضاً إلى ما ذكر، وإلا لزم التسلسل والدور.
(٢) جعل في المواقف اليقينيات سبعاً، قال فيه: السابع الوهميات في المحسوسات، فإن حكم الوهم في الأمور المحسوسة صادق، نحو: كل جسم في جهة، فإن العقل يصدقه في أحكامه على المحسوسات؛ ولتطابقهما كانت العلوم الجارية مجرى الحدسية شديدة الوضوح لا يكاد يقع فيها اختلاف الآراء كما وقع في غيرها، بخلاف حكمه في المجربات والمعقولات الصرفة فإنه إذا حكم عليها بأحكام المحسوسات كان حكمه كاذباً كحكمه بأن كل موجود لا بد أن يكون في جهة وفي مكان. واعلم أن العمدة من هذه المبادئ السبعة الأوليات؛ إذ لا يتوقف فيها إلا من كان ناقص الغريزة كالبله، إلى قوله: فلذلك أدرجت فيما قبله، فخذه من شرح المواقف.
[١] ويحتمل أن المراد بالمظنونات ما حصل الظن فيه بأمر خارجي غير حال من يعتقد فيه كما في المثال المذكور، وهو قوله: فلان يطوف بالليل ... إلخ، والمقبولات ما كان من حال من يعتقد فيه. (حسن مغربي ح). وفي حاشية: العام المظنونات؛ لأن المقبولات مظنونات، فهي داخلة في المظنونات.
[٢] والدرك ويسكن: التبعة، وأقصى قعر الشيء، ج أدراك. (قاموس).
[٣] الظاهر أنه يريد أنه لا بد من انتهاء مقدماته إليها وإن كانت مكتسبة كما أفاده السعد، وليس تفسيراً للمادة حتى يرد ما ذكر. (ح).
[٤] يصح أن يكون المنتهى ما بعض أفراده منتهى إذا سلم أن النظريات لا تنتهي إلا إلى البديهيات فقط كما نقله عن اليزدي. (حسن مغربي ح).