[أحكام القضايا]
  وحدسيات، ومجربات، ومتواترات.
  أما البديهيات - وتسمى أيضاً أوليات - فهي قضايا يحكم العقل بها بمجرد تصور أطرافها، كالحكم بأن الواحد نصف الاثنين، والجسم الواحد لا يكون في آن واحد في مكانين، وقد يتوقف فيه لعدمِ تصور الطرفين(١)، كما في قولنا: الممكن محتاج إلى المؤثر، أو لنقصانِ الغريزة كما في البله والصبيان، أو لتدنسِ الفطرة بالعقائد المضادة(٢) كما في بعض الجهال.
  وأما المشاهدات فهي قضايا يحكم العقل بها بواسطة الحواس الظاهرة أو الباطنة، فالأولى تسمى حسيات، كالحكم بأن الشمس نيرة والنار حارة، والثانية تسمى وجدانيات(٣)،
(قوله): «لعدم تصور الطرفين ... إلخ»: فإذا تصور معنى الممكن - وهو أنه ما تساوى طرفاه، أي: وجوده وعدمه بالنظر إلى ذاته - وتصور معنى احتياجه إلى المؤثر - وهو أنه لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا لمؤثر - حكم بالنسبة بينهما حكماً ضرورياً يجزم به الصبيان، وقد أشار المؤلف # بقوله: «إلى المؤثر» إلى ما عليه كثير من المتكلمين من الفرق بين ترجح أحد طرفي الممكن على الطرف الآخر بلا سبب مرجح - أي: مؤثر - وبين ترجيحه بغير مرجح، أي: بغير داع إلى الترجيح، فإن الأول مستحيل[١] بخلاف الثاني[٢].
(قوله): «أو لتدنس الفطرة ... إلخ» كمعتقد الأفعال من الله تعالى، فإن هذه العقيدة مانعة له من العلم البديهي بكون أفعال العباد منهم.
(قوله): «الوجدانيات» الوجدان بالضم بمعنى النيل، وبالكسر ما حصل بسبب الحواس الباطنة.
(١) وهما الإمكان واحتياجه إلى المؤثر. اهـ وقوله: أو لنقصان عطف على: لعدم تصور ... إلخ.
(٢) يعني للأوليات. اهـ شرح سعد للرسالة. وذلك كمعتقد الأفعال من الله تعالى فإن هذه العقيدة مانعة له عن العلم البديهي في كون أفعال العباد منهم، وكحدوث العالم في حق معتقد قدمه.
(٣) وقضايا اعتبارية[٣] ويعد منها ما نجده بنفوسنا لا بآلاتها، كشعورنا بذواتنا وأفعال ذواتنا. واعلم أن الحس لا يفيد إلا حكماً جزئياً كما في قولنا: هذه النار حارة، وأما الحكم بأن كل نار حارة فمستفاد من الإحساس بجزئيات كثيرة مع الوقوف على العلة، فلعل الإحساسات الجزئية تعد النفس لقبول العقد الكلي من المبدأ الفياض، ولا شك أن تلك الإحساسات إنما تؤدي إلى اليقين إذا كانت صائبة، فلولا أن العقل يميز بين الحق والباطل من الإحساسات لم يتميز الصواب عن الخطأ. (شرح مواقف).
[١] لتأديته إلى الترجيح بلا سبب، وهو محال. (حسن مغربي ح).
[٢] لجواز ترجيح الفاعل المختار له بغير داع. (حسن مغربي).
[٣] في شرح المواقف: وقضايا اعتقادية.