[أحكام القضايا]
  جالس(١) السفينة متحرك، وكل متحرك منتقل من مكان إلى مكان آخر.
  وأخذ ما بالقوة مكان ما بالفعل، كما يقال: لو قبل الجسم القسمة إلى غير(٢) النهاية لكان بين سطحي الجسم أجزاء غير متناهية(٣)، فما لا يتناهى يكون محصوراً بين حاصرين. وأخذ السالبة المحصلة بدل الموجبة المعدولة(٤).
(قوله): «مكان ما بالفعل ... إلخ»: وذلك أن أجزاء الجسم في مقدم الشرطية قد فرض قبولها للقسمة إلى غير النهاية فكانت أجزاء بالقوة؛ إذ لو كانت بالفعل لكانت موجودة، ويستحيل وجود ما لا يتناهى، وأجزاء الجسم في تالي الشرطية أجزاؤه بالفعل؛ لأنها بين حاصرين، وهما السطحان، ووجود ما لا يتناهى باطل، فقد أخذ في المقدم ما بالقوة مكان ما بالفعل، فجعل ما في التالي ما بالفعل فحصلت المغالطة. وفي كلام المؤلف # إشارة إلى ما ذكروه في علم اللطيف من أن الجسم هل ينتهي إلى حد لا يصح فيه القسمة والتجزؤ كما هو المختار أو لا، وتحقيقه في موضعه.
(قوله): «المعدولة» كقولك: الإنسان لا جماد، ولا شيء من الجماد بحيوان، ينتج: لا شيء من الإنسان بحيوان، وهو باطل، فحصل الغلط من الإتيان بالسالبة موضع المعدولة في الكبرى، فلو قلت: وكل لا جماد حيوان لأنتج: الإنسان حيوان، وهو صحيح.
(١) قوله: جالس السفينة متحرك يعني بالعرض، وقوله: وكل متحرك يعني بالذات، فالنتيجة فجالس السفينة منتقل من مكان إلى آخر، وهو غير مستقيم.
(٢) وجه الغلط لو كان قابلاً للقسمة لكان أجزاؤه بالقوة لا بالفعل. (شرح مطالع).
(*) قوله: «لو قبل الجسم القسمة إلى غير النهاية» يعني بالقوة، وقوله: «لكان بين سطحي الجسم» أي: جانبيه، وقوله: «أجزاء غير متناهية» يعني: بالفعل، وقوله: «بين حاصرين» هما الجانبان.
(٣) ينبغي أن يعلم أن مدعى الخصم أن الجسم الطبيعي ينقسم إلى غير النهاية فيعترض بأن الجسم مركب من ثماني نقطات، ولا شك في التناهي، وبذلك يتجه بطلان التالي. ويجاب بأن الثماني النقطات إنما هي جزء الجسم التعليمي، والنزاع إنما هو في الجسم الطبيعي، والتعليمي جسم بالقوة، والطبيعي جسم بالفعل، وبطلان التالي إنما يتجه في التعليمي، أما الطبيعي فبطلان اللازم ممنوع، بل هو مصادرة مبدأ ذلك المنع بأن الطبيعي مركب من أعراض، والعرض من الكيف، والقسمة إنما تكون للكم، وهذا الدليل قياس شرطي، والكبرى محذوفة تقديرها: لكن لا يكون بين سطحي الجسم أجزاء غير متناهية، ينتج أنه لا يقبل القسمة إلى غير النهاية. (جلال).
(٤) والفرق بينهما أن السالبة البسيطة أعم من الموجبة المعدولة؛ لأنها متى صدقت الموجبة المعدولة صدقت السالبة البسيطة ولا ينعكس، كما أنه يصدق قولنا: شريك الباري ليس بصيراً ولا يصدق شريك الباري غير بصير؛ لأن معنى الأول سلب البصر عن شريك الباري، ولما كان معدوماً يصدق سلب كل مفهوم عنه. ومعنى الثاني سلب البصر[١] ثابت لشريك الباري، والأول لا يكون موجوداً في نفسه حتى يمكن ثبوت شيء له، وهو ممتنع. (من القطب باختصار).
[١] لفظ القطب: ومعنى الثاني أن عدم البصر ثابت لشريك الباري، فلا بد أن يكون موجوداً في نفسه حتى يمكن ثبوت شيء له، وهو ممتنع الوجود.