هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الوضع]

صفحة 300 - الجزء 1

البحث الثاني: في الموضوعات اللغوية

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

  هذا الفصل متضمن للكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات.

[الوضع]

  (الوضع⁣(⁣١)) لغة: جعل الشيء في حيز معين. واصطلاحاً: مشترك بين معنيين: أحدهما: تعيين اللفظ بإزاء معنى، وعلى هذا فالمجاز موضوع لمعناه المجازي.

  وثانيهما وهو المعتبر عند الجمهور والمراد بلفظ الوضع⁣(⁣٢) عند الإطلاق:


(قوله): «جعل الشيء في حيز معين» ذكر بعض الناظرين⁣[⁣١] أنه لا حاجة إلى قوله: معين؛ إذ المجعول في حيز لا بد وأن يكون في الواقع في المعين، وقد يقال: إن فائدته بيان الواقع لا للاحتراز، كما ذكروا مثل ذلك في قيد التفصيلية في تعريف أصول الفقه.

(قوله): «مشترك بين معنيين» سيأتي قريباً⁣[⁣٢] ما يشعر بعدم الاشتراك في قول المؤلف #: وثانيهما وهو المعتبر والمراد بلفظ الوضع عند الإطلاق، وكذا قوله فيما نقل عن التلويح: فالوضع عند الإطلاق ... إلخ، ولم يذكر الشريف الاشتراك، بل قال: الوضع فسر بوجهين تعيين اللفظ بنفسه للمعنى، والثاني: تعيين اللفظ بإزاء المعنى.

(قوله): «وعلى هذا فالمجاز موضوع» يعني وضعاً نوعياً؛ لاعتبار الواضع لنوع العلاقة، فأفراد المجاز موضوعة باعتبارها، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان الوضع النوعي قريباً.


(١) فائدة: الفرق بين الوضع والاستعمال والحمل أن الوضع: هو جعل اللفظ دليلاً على المعنى، كتسمية الولد زيداً، وهذا أمر متعلق بالواضع. والاستعمال: إطلاق اللفظ وإرادة المعنى، وهو من صفات المتكلم. والحمل: اعتقاد السامع مراد المتكلم أو ما اشتمل على⁣[⁣٣] مراده، كحمل الشيء المشترك على معنييه لكونه مشتملاً على المراد، وهذا من صفات السامع. (اسنوي).

(٢) لا يقال: كون هذا المعنى هو المراد بالوضع عندالإطلاق ينافي الاشتراك؛ لأن شأن المشترك إما أن يحمل على جميع معانيه أو يبقى معنى مجملاً إلى وقت قيام القرينة المعينة، فإذا فهم منه أحد المعنيين عند الإطلاق بدونها فذلك دليل على كونه حقيقة في المعنى المتبادر مجازاً في غير المتبادر؛ لأن التبادر من أدلة الحقيقة وعدمه من أدلة المجاز؛ لأنا نقول: إرادة هذا المعنى بلفظ الوضع عند الإطلاق إنما هو بقرينة، وهي كونه المعتبر عند الجمهور، فلا ينافي ذلك الاشتراك. (شيخنا).


[١] لقائل أن يقول: الجسم المتحرك دائماً المنضرب لا يتعين حيزه، فلعله لا يكون موضوعاً لغة. (حسن مغربي ح).

[٢] لم يكن في كلام المؤلف ما يشعر بعدم الاشتراك، غاية ما في كلامه أن المعنى الثاني هو المعتبر، وعبارة الشريف مشعرة بالاشتراك كما يظهر فلا يتم الاستظهار بها فتأمل، والله أعلم. اهـ من أنظار القاضي أحمد أبي الرجال. (ح).

[٣] في التمهيد للأسنوي: عليه.