هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]

صفحة 307 - الجزء 1

  والقرينة فيما هذا شأنه إنما هي للصرف⁣(⁣١) عن فهم المعنى الحقيقي لا غير⁣(⁣٢)،


= أو التزاماً لا مطابقة، وهو خلاف ما ذكره في المطول وحواشي شرح المختصر حيث قال: اللفظ إذا استعمل في الجزء واللازم مجازاً كان دلالته عليه مطابقة لا تضمناً أو التزاماً، وعبارة المؤلف # فيما يأتي في بحث كون العام المخصص مجازاً تقضي بمثل ما في المطول؛ حيث صرح بأن الباقي تمام المراد، وأنه إنما يعرف كونه تمام المراد بالقرينة، وقبلها إنما يعلم أنه داخل تحت المراد وجزء منه.

قلت: وينظر في الاعتذار عن قولهم بأن فهم الجزء في ضمن الكل مع أنه قد اشتهر أن فهم الجزء سابق على فهم الكل، وهو لا يناسب القول بأن فهم الجزء في ضمن الكل، ولا يمكن أن نعتذر⁣[⁣١] عن ذلك بما اعتذر به بعض المحققين⁣[⁣٢] عما اختاره الجمهور من القول بأن دلالة التضمن تابعة للمطابقة؛ إذ حاصل اعتذاره أن فهم الجزء متقدم على فهم الجزئين لا على فهم الكل؛ لأن فهم الجزئين فهم تفصيلي وفهم الكل من اللفظ فهم إجمالي، وتقدم الجزء على الكل في الذهن باعتبار الفهم التفصيلي دون الإجمالي، فإن الذهن ينتقل عند سماع اللفظ إلى مجموع المعنى الذي هو الكل ثم إلى تفاصيله⁣[⁣٣]؛ ولذلك قد يحتاج بعد معرفته برسمه إلى معرفته بحده، فإذا انتقل إلى تفاصيله تعلق بالأجزاء واحداً فواحداً إلى أن يصير الكل ملحوظاً بملاحظة أخرى هي الملاحظة التفصيلية، فدلالة التضمن متأخرة عن الملاحظة الإجمالية متقدمة على الملاحظة التفصيلية، هذا خلاصة ما ذكره، فتأمل فيه، والله أعلم.

(قوله): «والقرينة فيما هذا شأنه إنما هي للصرف» أورد بعض المناظرين أن القرينة في كل مجاز للصرف أيضاً فلا ينبغي التقييد بقوله: فيما هذا شأنه، ويمكن أن يجاب بأن قوله: «إنما هي للصرف» يعني لا غير الصرف من الدلالة على المعنى المجازي الذي هو اللازم، فإن فهمه من لفظ الملزوم غير متوقف على القرينة كما عرفت، بخلاف سائر المجازات فإن القرينة فيها للصرف وللدلالة على المعنى المجازي، والله أعلم.


(١) وكلام سعد الدين في شرحي التلخيص مقرر لهذا القيد.

(*) عبارة حاشية الشرح الصغير للشيخ لطف الله: وإنما القرينة ليعلم أنه المراد دون المعنى الحقيقي. اهـ وعندي أن عبارة مولانا الحسين لا تخلو عن نكتة سرية ليست في عبارة الشيخ. (من خط المولى ضياء الدين |). أقول: لعل النكتة المذكورة هي أن القرينة المعتبرة في المجاز هي الصارفة عن إرادة المعنى الحقيقي لا الصارفة عنه المعينة للمراد أيضاً كما عرف في محله، وعبارة مولانا الحسين صريحة في الأول، وعبارة الشيخ في الثاني، والله أعلم.

(٢) قوله: «لا غير» أي: لا غير الصرف من الدلالة على اللازم.


[١] الظاهر أن زيادة لفظ (لا) سبق قلم. (ح عن خط شيخه).

[٢] ولعل الشريف⁣[⁣٠] في حواشي شرح المختصر أورد مثله تتمة لكلام العضد في بيان اتحاد دلالتي المطابقة والتضمن في انتقال الذهن من اللفظ إليهما ابتداء بخلاف الالتزام. (حسن يحيى).

[٠] بل الجواهر. (ح).

[٣] قال الشريف: واستوضح ذلك بما إذا وقع بصرك على زيد من رأسه إلى قدمه دفعة واحدة فإنك تراه وترى أجزاءه برؤية⁣[⁣٠] واحدة، فإن نسبت هذه الرؤية إلى زيد تسمى رؤيته، وإن أضيفت إلى جزء من أجزائه تسمى رؤية ذلك الجزء. (حسن ح).

[٠] في المطبوع: جزئه رؤية. والمثبت من حاشية الشريف على شرح المختصر.