فصل: [في الكلام في الوضع والواضع وطريق معرفة اللغات]
  ورابعها: أنا وإن (سلمنا) أن المراد من تعليم الأسماء ما ذكروه (منعنا التعميم) لجواز أن يراد الأسماء الموجودة في زمان آدم(١) لا غير، أو يراد(٢) لغة من اللغات.
  قال أبو طالب في المجزي: ليس في الآية دلالة على أن الله تعالى علم آدم # جميع اللغات، فمن أين أن الأسامي التي هي من لغة العرب قد نص تعالى عليها(٣) بأن علمها إياه؟ انتهى.
  وخامسها: أنا وإن (سلمنا) العموم (منعنا البقاء) لجواز أن يكون من بعد آدم قد نسيها(٤) فاصطلح جماعات على ما نسمعه من اللغات المتكثرة المختلفة
(قوله): «منعنا التعميم» قد أجاب في حواشي شرح المختصر بأنه خلاف الظاهر؛ لأن المتبادر التعميم ولا سيما مع التأكيد، وأنه إثبات للمقدمة الممنوعة لا كلام على السند.
(قوله): «منعنا البقاء» هكذا ذكره السعد، ودفعه بأنه خلاف الظاهر.
(١) واللام للعهد الخارجي كما هو الظاهر من إضافة الأسماء إلى الموجودين الحاضرين، ويبعد أن يراد بها الاستغراق للموجود ومن سيوجد، والآية لا تدل على التعميم نصاً، بل هي ظاهرة في الموجودين فقط كما أشار إليه أبو طالب في المجزي. (من شرح ابن جحاف).
(٢) في المطبوع: أو يراد به لغة.
(٣) يقال: المدعى الظهور لقرينة اللام والتأكيد.
(٤) قال ابن متويه: اعلم أنها متى وقعت مواضعة من جماعة كثيرة على لغة فغير جائز مع بقاء عقولهم أن يذهبوا عنها بأجمعهم، فلا يصح ما يحكى عن أولاد نوح # أنها تبلبلت ألسنتهم فسمي ذلك الموضع بابلاً لهذا الوجه. قلت: والمانع من ذلك هو امتناع خرق العادات لا على جهة إظهار الإعجاز كما قدمنا تحقيقه، وهذا من الخوارق؛ إذ العادة جارية مستمرة على خلافه. (دامغ). قال الزركشي: تكلموا في فائدة هذه المسألة فمنهم من نفاها كالأنباري شارح البرهان وقال: ذكرها في الأصول فضول. وقال الماوردي في تفسيره: فائدة الخلاف أن من جعل الكلام توقيفياً جعل التكليف مقارناً لكمال العقل، ومن جعله اصطلاحياً جعله متأخراً عن العقل مدة الاصطلاح على معرفة الكلام. اهـ قال ابن أبي شريف: وقال غير ابن الأنباري الخلاف فيها طويل الذيل قليل النيل، وإنما ذكرت في الأصول لأنها تجري مجرى الرياضات التي يرتاض بالنظر فيها.