هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها

صفحة 349 - الجزء 1

  حد الفعل.

  وأما المطابقة فلا تستلزم التضمن ولا الالتزام؛ لجواز أن يكون اللفظ موضوعاً لمعنى بسيط لا لازم له. ولا التضمن الالتزام؛ لجواز أن يكون اللفظ موضوعاً لمعنى مركب لا لازم له، ولا العكس لجواز أن يكون اللفظ موضوعاً لمعنى بسيط له لازم، وهاهنا خلاف وكلام لا يسعه المقام.


=وقد أجاب الجامي عن هذا الإشكال بغير ما ذكره المؤلف # فخذه من محله. ولو قال المؤلف #: وبه يندفع ما ينشأ عن هذا الإشكال⁣[⁣١] على حد الفعل لكان صواباً؛ إذ لا ورود لعين هذا الإشكال على حد الفعل، وذلك ظاهر، والله تعالى أعلم.

وأعلم أن كلام المؤلف # فيما يأتي في شرح قوله: وإن لم يستقل فحرف يشعر بأن جزء الفعل هو النسبة المطلقة، وكأنه بناه على ما اشتهر.

(قوله): «فلا تستلزم التضمن ... إلخ» هذا كما في الشمسية أن المدعى عدم الاستلزام، فلذا اكتفى المؤلف في الاستدلال بقوله: لجواز أن يكون ... إلخ، وأما اليزدي في شرحها فإنه جعل المدعى تيقن عدم الاستلزام؛ فلذا استدل على ذلك بدليل آخر كما ذكره في شرحها ليتم مدعاه.

والحاصل أن الجمهور اقتصروا على عدم الاستلزام، واليزدي اشترط تيقن عدم الاستلزام، والرازي ادعى الاستلزام كما يأتي.

(قوله): «ولا التضمن» في عطف هذا على ما قبله خفاء⁣[⁣٢] فينظر.

(قوله): «وها هنا خلاف وكلام لا يسعه المقام» أشار إلى خلاف الرازي من أن المطابقة يلزمها الالتزام، قال في شرح المطالع: لأن لكل ماهية لازماً بيناً، وأقله أنها ليست غيرها، والدال على الملزوم دال على لازمه بالالتزام. وأجيب بأنه إن أراد أن كونها ليست غيرها لازماً بيناً بالمعنى الأخص أعني ما يلزم من تصور الملزوم تصوره فممنوع؛ إذ كثيراً ما نتصور شيئاً ولا يخطر ببالنا غيره فضلاً عن أنه ليس غيره.

وإن أراد أنه بين بالمعنى الأعم - أعني ما يكون تصوره مع تصور ملزومه كافياً في الجزم بينهما باللزوم - فمسلم، لكن لا يفيد؛ إذ المعتبر في دلالة الالتزام هو المعنى الأخص؛ لأن شرط الالتزام هو اللزوم الذهني، أعني كون الأمر الخارجي يحصل في الذهن متى حصل المسمى فيه.

وأشار المؤلف بما ذكره أيضاً⁣[⁣٣] إلى كلامهم في كون التضمن هل هو تابع للمطابقة كما عند الجمهور أو هما متحدان بالذات وإنما اختلفا بالاعتبار كما ذكره في شرح المختصر، وفيما ذكره الجمهور إشكال مشهور، وهو أنه يقتضي تأخر التضمن عن المطابقة مع أن الأمر بالعكس؛ فإن فهم الجزء سابق على فهم الكل، وقد وسع الكلام في ذلك أهل الحواشي سيما صاحب الجواهر، فإنه أيد ما ذكره الجمهور ودفع الإشكال بما لا يحتمله المقام، وقد أوردنا ما ذكروه في حاشية على الحاشية، وهو بحث نفيس، والله أعلم.


[١] صوابه: ما ينشأ هذا الإشكال عنه ... إلخ. (ح).

[٢] وجه الخفاء أنه عطف على الجزاء، وإذا اعتبر المعنى صح العطف؛ إذ هو في تقدير مهما يكن من شيء فلا تستلزم المطابقة التضمن فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٣] كما أشار إلى خلاف الرازي. (ح عن خط شيخه).