فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها
  (واللفظ إن قصد بجزء منه الدلالة(١) على جزء المعنى(٢) فمركب) هذا شروع في تقسيم اللفظ باعتبار التركيب والإفراد، وقدم تعريف المركب على المفرد لأن التقابل بينهما تقابل العدم(٣) والملكة،
(قوله): «فمركب» ويسمى قولاً ومؤلفاً[١]، فلا فرق بينهما على ما في شرح المطالع، قال: وعليه الاصطلاح. قال في شرح القاضي زكريا: فالقسمة ثنائية، ومن جعل المؤلف أخص من المركب فالقسمة عنده ثلاثية: مفرد، ومركب، ومؤلف. قال اليزدي: إذ تعتبر في المؤلف المناسبة بين أجزائه؛ لأنه مأخوذ من الأُلفة.
(قوله): «لأن التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ... إلخ» لم يذكر في شرح الشمسية تقابل العدم والملكة، بل ذكر مجرد كون مفهوم المركب وجودياً والمفرد عدماً، ولعل المؤلف أراد بالملكة أيضاً مجرد الوجود مجازاً، أو أراد أنه لا بد من اعتبار عدم الدلالة على جزء المعنى عما من شأنه أن يدل، وفي ذلك بعد فينظر. وحاصل جواب شرح الشمسية أن المتقدم على المركب هو ذات المفرد لا مفهومه، والتعريف ليس بحسب الذات، بل بحسب المفهوم، والقيود في مفهوم المركب وجودية، وفي مفهوم المفرد عدمية، والوجود في التصور سابق على العدم؛ فلذا أخر المفرد في التعريف وقدم في الأقسام والأحكام؛ لأنها بحسب الذات.
وأما المؤلف فقدم المركب أيضاً في التقسيم واعتذر عن تأخيره بقوله: فلم يحسن الفصل الكثير كما يأتي.
(١) فالدلالة فهم المعنى من اللفظ سواء كان مراداً أو لا، بخلاف الإرادة فإنها كون المعنى مراداً أو مقصوداً من اللفظ، كلفظ العين المشتركة إذا أريد أحد معانيه فإنه يدل على جميع معانيه مع أن المراد واحد معين منها. (علوي).
(٢) وخرج من المركب أضرب وأخواته من المبدوء بالهمزة والنون والياء، وفيها مذاهب، والمختار أن الكل مفرد، ومقابله أن الكل مركب، والثالث التفصيل وهو قول ابن سيناء أن المبدوء بالياء مفرد وغيره مركب. وجه الثاني دلالة حروف المضارعة على موضوع معين في غير ذي الياء، وغير معين فيه، فلا وجه للتفصيل. كذا نقل عن المصنف، يعني ابن الهمام، ولا يبعد أن يقال في توجيهه: إن الفعل من حيث إنه عرض لا بد له من موضوع يدل على موضوع غير معين، فالياء كأنها لا تفيد أمراً زائداً، بخلاف ما يدل على تعين الموضوع؛ (لأنه) أي: المضارع موضوع (لمجرد فعل الحال أو الاستقبال) على سبيل منع الخلو، فيصح على الأقوال كونه للحال فقط والاستقبال فقط أو لهما على الاشتراك كما هو المختار (لموضوع خاص) يعني ما قام به من المتكلم والمخاطب والغائب المعين، فمعناه مركب من ثلاثة حدث وزمان ونسبة إلى معين، والجار متعلق بمحذوف وهو صفة فعل، أي: لمجرد الفعل الثابت لموضوع، والمثبت له خارج عما وضع له. وحاصل التعليل: أن المضارع الذي فيه حرف المضارعة كلمة واحدة وضعت دفعة واحدة للمعنى الذي فيه النسبة إلى المتكلم أو المخاطب أو الغائب، لا أنه وضع مدخول حرف المضارعة للحدث والزمان والنسبة وحرف المضارعة لوصف ذلك الموضوع من المتكلم ... إلخ. (تحرير وشرحه لابن الهمام).
(٣) لأن المعتبر في مفهوم المركب وجودي، وهو دلالة جزئه على جزء معناه، والمعتبر في مفهوم المفرد عدمي، وهو عدم دلالة جزئه على جزء معناه، والأعدام وإن كانت سابقة على الوجود في التحقيق لكنها متأخرة عنه في التعقل، وبذلك لا تعرف الأعدام إلا بملكاتها، فيقال: العمى عدم البصر. (شريف على المطالع).
[١] في نسخة: ويسمى قولاً مؤلفاً، وهي أنسب بقوله: فلا فرق بينهما. (ح).