هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها

صفحة 353 - الجزء 1

  ولما عرف المركب بما أفاده التقسيم - وهو لفظ قصد بجزء منه الدلالة على جزء معناه - اشتغل بتقسيمه لشدة ارتباط أقسامه به، فلم يحسن الفصل الكثير بينه وبينها لو عُرِّف المفرد وبينت أقسامه، ولا الفصلان بين المركب وأقسامه والمفرد وأقسامه لو عقب التعريف بالتعريف والتقسيم بالتقسيم - فقال:

  (إما) مركب (تام) أي: يصح السكوت⁣(⁣١) عليه، كزيد قائم واضرب. والمركب التام ينقسم إلى قسمين:

  الأول: ما أفاده بقوله: (خبر إن احتمل⁣(⁣٢) الصدق والكذب) أي: يكون


(قوله): «بما أفاده التقسيم ... إلخ» أي: بتعريف أفاده التقسيم، أي: تقسيم اللفظ السابق، أعني قوله: واللفظ إن قصد بجزء منه ... إلخ؛ لأنه أفاد تعريف المركب بأنه لفظ قصد بجزء منه ... إلخ، فلما كان ذلك التقسيم مفيداً للتعريف لم يشتغل بالتعريف هنا استغناء به، واشتغل هنا بتقسيمه لشدة ارتباط أقسامه - أي: أقسام المركب - به، أي: بتعريفه.

وإنما جمع الأقسام مع أن المذكور للمركب قسمان - ولذا قال المؤلف فيما يأتي: هذا القسم الثاني من قسمي المركب - لأن المؤلف جعل الخبر والإنشاء وأقسامهما وكذا التقييدي وغيره أقساماً للمركب تسامحاً وإن كانت في التحقيق أقساماً لقسميه أعني المركب التام والناقص.

(قوله): «أي يصح السكوت عليه» أي: سكوت المتكلم عليه، أي: لا يكون مستدعياً للفظ آخر استدعاء المحكوم عليه للمحكوم به وبالعكس، فلا يكون المخاطب به منتظراً للفظ آخر كانتظاره للمحكوم به عند ذكر المحكوم عليه وبالعكس، وحينئذ لا يتجه أن يقال: يلزم أن لا يكون مثل ضرب زيد مركباً تاماً؛ لأن المخاطب ينتظر أن يبين المضروب، ويقال: عمراً ... إلى غير ذلك من القيود كالزمان والمكان. هذا ما ذكروه.

وأقول: الأظهر أن المراد بصحة السكوت على المركب إمكان الاكتفاء لتحقق الغرض الأصلي من الكلام، وهو إفادة النسبة، هكذا ذكره اليزدي في شرح الشمسية.

وإنما قال: سكوت المتكلم لا سكوت المخاطب لأن السكوت بالنسبة إلى المتكلم لأنه كان متكلماً، والمخاطب كان ساكتاً فلا يصح بالنسبة إليه⁣[⁣١]، والله أعلم.


(١) أي: يفيد المخاطب فائدة تامة، سواء أفاد فائدة جديدة كزيد قائم أم لا كقولنا: السماء فوقنا. (سعد).

(٢) احتمال عقلي لا مفهوم ولا مدلول للفظ؛ لأن مدلول قولنا: زيد قائم ومفهومه أن القيام ثابت لزيد، هكذا ذكره في الشرح الصغير في أحوال الإسناد الخبري.


[١] إذ يصح منه السكوت ولو في الناقص. (ح).