فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها
  من شأنه أن يصح في عرف اللغة أن يوصف بأنه صادق أو كاذب(١) سواء كان متصفاً به في نفس الأمر أم لا.
  فلا يخرج ما علم صدقه أو كذبه(٢)، ولا ما علم انتفاؤهما فيه عند مثبتي الواسطة عن(٣) الخبر، فالخبر لفظ مركب تام يحتمل الصدق والكذب.
(قوله): «بأنه صادق أو كاذب»: هكذا عبارة شرح المختصر، قال السعد ما معناه: لم يُرِد أن الواو الواصلة بمعنى أو الفاصلة ليندفع الاعتراض المذكور، يعني ليس الجواب عن الاعتراض مبني على ذلك كما في شرح الشمسية حيث قال: وقد يجاب عنه بأن المراد بالواو الفاصلة أو الواصلة، بمعنى أن الخبر هو الذي يحتمل الصدق أو الكذب، فكل خبر صادق يحتمل الصدق، وكل خبر كاذب يحتمل الكذب، فجميع الأخبار إذاً داخلة في الحد، قال: وهذا غير مرضي؛ لأن الاحتمال لا معنى له حينئذ، بل يجب أن يقال: ما صَدَقَ أو كَذَب.
(قوله): «إن احتمل الصدق والكذب».
وقوله: «فالخبر لفظ مركب يحتمل الصدق والكذب» هذا الحد قريب مما رواه ابن الحاجب عن المعتزلة، وقد اعترض بأن من الكلام ما لا يدخله صدق كالمعلوم كذبه وما لا يدخله كذب كالمعلوم صدقه، وبأن هذا التعريف دوري؛ لأن الصدق هو الخبر الموافق للمخبر به، والكذب بخلافه.
وقد دفع هذا الاعتراض الثاني بما عرفت في بحث التصديقات، أما الأول فقد أجيب عنه بأن المراد احتماله بالنظر إلى نفس مفهومه - وهو ثبوت شيء لشيء أو سلبه عنه - مع قطع النظر عن الخصوصيات الخارجة عن مفهومه كما سبق أيضاً، فأشار المؤلف إلى هذا الجواب بقوله: أي يكون من شأنه ... إلخ، أي: بالنظر إلى نفس مفهومه.
وأجاب في شرح المختصر بأن المراد بالاحتمال أنه لا يخطأ لغة لو قيل: له صدق أو كذب؛ لصحة ذلك بالنظر إلى مفهومه.
قلت: وأشار المؤلف إلى جوابه بقوله: أن يصح في عرف اللغة، فقد جمع بينهما، وكان يغني عن ذلك أن يقول: من شأنه أن يوصف ... إلخ والله أعلم.
(١) الأولى صدق أو كذب.
(٢) يعني إذا جرد النظر إلى مفهوم المركب وقطع النظر عن خصوصية المتكلم بل وعن خصوصية ذلك المفهوم أيضاً ولوحظ محصل مفهوم خبر الله تعالى وخبر رسوله ÷ - وهو ثبوت شيء لشيء أو سلبه عنه - وكذا محصل مفهوم البديهيات التي يجزم العقل بها عند تصور طرفيها مع النسبة نحو: الكل أعظم من الجزء، وهو ثبوت شيء لشيء أو سلبه عنه أيضاً - فهو يحتمل الصدق والكذب، فلا إشكال أن الأخبار بأسرها تحتمل الصدق والكذب. (مختصراً من حاشية للشريف).
(٣) في المطبوع: في الخبر.