فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها
  (وأيضاً) رجوع إلى تقسيم آخر للمفرد باعتبار آخر، واختصاص بعض
(قوله): «رجوع إلى تقسيم آخر للمفرد» والتقسيم الأول قوله: وهو إن استقل ... إلخ، وقد اعتمد المؤلف ما ذكره المحقق في شرح الشمسية من جعل هذا تقسيماً للفظ المفرد، خلاف ما ذكره القطب من أنه تقسيم للاسم فقط، وقد اعترضه اليزدي بأن أكثر هذه الأقسام لا يختص بالاسم، قال: وظاهر أن اختصاص بعضها به لا ينافي هذا. لكن المؤلف عدل عن قوله: إن أكثر هذه الأقسام إلى قوله: لاشتراك الكل، أي: الاسم والفعل والحرف، فاقتضى أنه لا بد من وجود الأكثر في الحرف[١]، بخلاف عبارة اليزدي فمقتضاها كفاية وجود الأكثر في غير الاسم، وقد وجد الأكثر في الفعل وإن لم يوجد في الحرف. وبيان ذلك: أنه ذكر اليزدي سبعة أقسام، وهو العلم والمتواطئ والمشكك والمشترك والمنقول بأقسامه والحقيقة والمجاز، ففي الفعل منها أربعة وفي الحرف ثلاثة؛ لأنه أغفل في الحرف المنقول. والمؤلف ذكر تسعة، ما ذكره اليزدي وزاد: المرادف والمباين، فقد وجد من التسعة في الفعل ستة وفي الحرف خمسة[٢]، قال هذا المحقق في شرح الشمسية: الانقسام إلى المشترك والمنقول بأقسامه وإلى الحقيقة والمجاز ليس مما يختص بالاسم؛ فإن الفعل قد يكون مشتركاً كعسعس بمعنى أقبل وأدبر، وقد يكون منقولاً كصلى، وقد يكون حقيقة كقتل إذا استعمل في معناه، وقد يكون مجازاً كقتل بمعنى ضرب ضرباً شديداً، وكذا الحرف يكون مشتركاً كمن بين الابتداء والتبعيض، وقد يكون حقيقة كفي إذا استعمل في الظرفية، وقد يكون مجازاً كفي إذا استعمل بمعنى على، ومقتضى هذا وهو كما ذكره في حاشية التهذيب أن المختص بالاسم ثلاثة أقسام العلم والمتواطئ والمشكك.
ووجه ذلك: أن هذه الثلاثة أقسام للكلي والجزئي، والفعل والحرف لا يتصفان في المشهور بالكلية والجزئية، بل الانقسام إليهما من خواص الاسم كما ذكره في شرح اليزدي وكذا نقله شارح الرسالة الوضعية عن الشريف. ومحصل كلامهم: أن انقسام اللفظ إلى الكلي والجزئي إنما هو بحسب اتصاف معناه بالكلية والجزئية، فإنهما بالحقيقة من صفات المعاني كما يظهر من تعريفهما ومعنى الاسم من حيث هو معناه معنى مستقل يصلح أن يوصف بالكلية والجزئية وأن يحكم عليه. وأما الفعل والحرف فمعناهما غير مستقل[٣] فلا يصلح أن يحكم عليه بشيء أصلاً لا بالكلية ولا بالجزئية ولا بغيرهما، وهذا بخلاف الانقسام إلى المشترك والمنقول والحقيقة والمجاز إذ كلها في الحقيقة صفات الألفاظ، وجميع الألفاظ متساوية الأقدام في صحة الحكم عليها وبها، ثم أورد مناقشة على كونها صفات للألفاظ وأجاب عنها بأجوبة ليس هذا موضعها.
[١] يقال: الحرف يشارك في أكثر الأقسام التي ذكرها المؤلف كما يأتي للمحشي أنه وجد في الحرف خمسة من التسعة، وإن اعتبر المنقول ستة، وذلك أكثر الأقسام، وأيضاً فالمراد اشتراك مجموع الكل في مجموع الأكثر من غير نظر إلى مشاركة كل واحد في الأكثر فليتأمل. (حسن بن يحيى ح).
[٢] فظهر بهذا اشتراك الكل في أكثر الأقسام كما ذكره المؤلف، وقد ظهر من أول كلام القاضي الاعتراض على المؤلف فلا وجه له على هذا. (ح عن خط شيخه).
[٣] هذا بناء على ما عرفت من التحقيق. (منه ح).