فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها
  (فجزئي(١)) تسمية له باسم مدلوله، ويدخل فيه العلم وما كان الوضع فيه كلياً والموضوع له شخصي كالمضمرات وأسماء الإشارة والموصولات(٢).
(قوله): «وما كان الوضع فيه كلياً والموضوع له شخصي كالمضمرات وأسماء الإشارة والموصولات» يعني يدخل ما كان كذلك في قوله: فإن تشخص فجزئي؛ لأن وضع أسماء الإشارة والموصولات ونحوها وإن كان كلياً إلا أن الموضوع له مشخص، وهو كل واحد واحد من الأفراد بخصوصه، وهذا هو المختار عند المحققين؛ ولذا عدل المؤلف عن عبارة التهذيب حيث قال: فمع تشخصه وضعاً، فعلم أن صاحب التهذيب حصر المتشخص في العلم بناء على أن المضمرات وأسماء الإشارة ونحوها موضوعة للمعاني الكلية، فأنت مثلاً موضوع لمفهوم المخاطب المذكر، وإنما تشخص في الاستعمال؛ فلذلك أخرجها بقوله: وضعاً.
والتحقيق أنها موضوعة للمعاني الجزئية، فإن أنت موضوع لكل واحد من المخاطبين المذكرين بالوضع العام، وسيأتي تحقيق ذلك[١] في فصل الحروف إن شاء الله.
واعلم أن صاحب التهذيب زاد قيد الوضع لإخراج مفهوم واجب الوجود، فإنه وإن اتحد معناه مع التشخص لكن لا بحسب الوضع، فإن ما يكون مدلوله كلياً في الأصل ومتشخصاً في الاستعمال لا يكون جزئياً، وأما المؤلف فبعد معرفتك لما ذكرنا في تعريف الكلي والجزئي لا يحتاج إلى التقييد بالوضع كما في التهذيب.
(١) اعلم أن الجزئي يقابل الكلي فلا يجامع شيئاً من أقسامه، وأن المتواطئ والمشكك يتقابلان فلا يجتمعان في شيء، وأما المشترك فقد يكون جزئياً بحسب كلا معنييه كزيد إذا سمي به شخصان، وقد يكون كلياً بحسبهما كالعين، وقد يكون كلياً بحسب أحد معنييه وجزئياً بحسب الآخر كلفظ الإنسان إذا جعل علماً لشخص أيضاً، وإذا اعتبر معناه الكلي فإما أن يكون متواطئاً أو مشككاً، وقس على ذلك حال المنقول فإنه يجوز جريان هذه الأقسام فيه، فيجوز أن يكون المعنيان المنقول عنه والمنقول إليه جزئيين أو كليين أو أحدهما جزئياً والآخر كلياً.
نعم، المنقول والمشترك متقابلان فلا يجتمعان، وكذا الحال في الحقيقة والمجاز. (شريف على القطب).
(٢) هي عند السعد من المتواطئ.
[١] قال في الجامي: فإن الواضع لاحظ أولاً مفهوم المتكلم الواحد من حيث إنه يحكي عن نفسه وجعله آلة لملاحظة أفراده، ووضع لفظ أنا بإزاء كل واحد واحد من تلك الأفراد بخصوصه بحيث لا يفاد ولا يفهم إلا واحد بخصوصه دون القدر المشترك، فتعقل ذلك القدر المشترك آلة للوضع لا أنه الموضوع له، فالوضع كلي والموضوع له جزئي متشخص. انتهى. قال عصام الدين عليه: ومما ينبغي أن يعلم أن الوضع الكلي للموضوع له الجزئي مما قال به بعض محققي المتأخرين، والقدماء لم يعثروا عليه ... إلخ كلامه. (من خط العلامة أحمد بن محمد السياغي).