هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها

صفحة 373 - الجزء 1

  (وإن اشترك فيه كثير) أي: لم يمنع نفس تصوره من فرض الشركة فيه (فمتواطئ إن استوت أفراده) أي: يكون صدق هذا المعنى على تلك الأفراد على السوية.

  (وإلا) تستوي أفراده بل كان صدقه عليها لا بالسوية (فمشكِّك) لأنه يشكك الناظر في أنه من المشترك⁣(⁣١) أو من المتواطئ؛ لتفاوت أفراده وتشاركها في معناه، والتفاوت قد يكون بالتقدم والتأخر كالوجود في الواجب والممكن،


(قوله): «وإن اشترك فيه كثير فمتواطئ ... إلخ» لو قال: وإن اشترك فيه كثير فكلي متواطئ إن استوت أفراده ... إلخ لكان أجود.

(قوله): «وإلا تستوي أفراده بل كان صدق عليها لا بالسوية» هكذا ذكره اليزدي، فإن أراد بالصدق الحصول لأفراده لا بالسوية فظاهر، وإن أراد الحمل على أفراده فينظر؛ فإنها متساوية في هذا المعنى؛ لما عرفت من تفسير فرض الشركة. والذي ذكره في شرح الشمسية: ومشكك إن كان حصوله في بعض الأفراد أولى أو أقدم أو أشد. وهي أوضح؛ ولذا قال الشريف: إما أن يكون في مفهومه تفاوت باعتبار صدقه على أفراده وحصوله فيها بشدة ... إلخ فعطف الحصول على الصدق كالتفسير له. ولعله يقال: المراد في غير المشكك إمكان الصدق والحمل كما عرفت، وفي المشكك المراد الصدق في نفس الأمر فلذا تفاوتت أفراده فيه فينظر، والله أعلم.

(قوله): «في أنه من المشترك» يعني اللفظي.

(قوله): «لتفاوت أفراده» فيوهم أنه لفظ له معان مختلفة، هذا بيان لجهة كونه يشبه المشترك.

(قوله): «وتشاركها ... إلخ» بيان لجهة التواطؤ، والمراد تشاركها في أصل المعنى كما في عبارة غير المؤلف؛ إذ لو اشتركت في المعنى لم يحصل تشكيك.

(قوله): «قد يكون بالتقدم والتأخر ... إلخ» فإن قيل: قد يحصل تقدم بعض المفهومات على بعض كالإنسان في الأب فإنه سابق على وجوده في الابن مع أنه ليس بمشكك. قلنا: نعم من حيث إنهما أب وابن لا من حيث إنهما من أفراد الإنسان، ويوضحه أنه ليس المراد بالأولوية أو الأقدمية أو الأشدية في الوجود، بل في الاتصاف بمفهوم اللفظ، بمعنى أن العقل إذا لاحظ نسبة ذلك المفهوم إلى أفراده يحكم بأن اتصاف البعض به أولى أو أقدم أو أشد، وأفراد الإنسان ليست كذلك؛ لأن مطابقة الإنسانية لجميعها على السوية، ذكره بعض المحققين. واعلم أنهم قد ذكروا أن الوجود بالنسبة إلى الواجب تعالى يصلح مثالاً للثلاثة الأقسام؛ فإنه في الواجب تعالى أولى لأنه مقتضى ذات الواجب، وأقدم لكونه علة لوجود الممكنات، وأشد لكون آثاره أكثر من آثار الممكنات ولا نعني بالشدة إلا ذلك كما ذكره اليزدي.


(١) يعني إن نظر إلى جهة الاختلاف، وقوله أو من المتواطئ يعني إن نظر إلى جهة الاشتراك.

ولفظ القطب: وإنما سمي مشككاً لأن أفراده مشتركة في أصل معناه ومختلفة بأحد الوجوه الثلاثة، فالناظر إليه إن نظر إلى جهة الاشتراك خيله أنه متواطئ، وإن نظر إلى جهة الاختلاف أوهمه أنه مشترك، كأنه لفظ له معان مختلفة كالعين، فالناظر فيه يتشكك هل هو متواطئ أو مشترك؛ فلهذا سمي بهذا الاسم. اهـ المراد نقله.