فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها
  وقد يكون بالأولوية وعدمها كالوجود أيضاً فإنه في الواجب أتم وأقوى منه في الممكنات، وقد يكون بالشدة والضعف كالبياض بالنسبة إلى الثلج والعاج(١).
  (وإن تعدد) معناه، أي: وجد المفهوم من اللفظ متعدداً، والمقصود منه عند استعماله في أحد المعاني غيره عند استعماله في المعنى الآخر (فإن وضع اللفظ لكل) من تلك المعاني التي يستعمل فيها وضعاً مستقلاً (فمشترك) كالعين للباصرة وللذهب.
  (وإلا) يكن كذلك فلا محالة يكون اللفظ موضوعاً لمعنى؛ إذ المفرد قسم من اللفظ الموضوع، ثم إنه استعمل في آخر (فإن اشتهر(٢) في الثاني) وترك
(قوله): «بأولوية[١] ... إلخ» جعل المؤلف # علة الأولوية الأتمية، وجعل في شرح اليزدي وحاشية الشريف العلة كون الوجود في الواجب لذاته لا لغيره كما في الممكن، ولعله أنسب؛ إذ الأتمية والقوة أنسب بالشدة.
(قوله): «والمقصود منه ... إلخ» ينظر في فائدة زيادة هذا القيد[٢].
(قوله): «وضعاً مستقلاً» يعني بأوضاع متعددة لا بوضع عام كما في وضع أسماء الإشارة ونحوها.
(قوله): «فلا محالة يكون اللفظ موضوعاً لمعنى» لما كان قوله: وإلا يكن كذلك موهماً للنفي عن الكل الإفرادي فيكون المعنى أن كل واحد منها ليس بموضوع له وليس كذلك دفعه بقوله: لا محالة ... إلخ، فيكون المراد بقوله: وإلا يكن ... إلخ النفي عن الكل المجموعي.
(١) فإن أثر البياض وهو تفريق البصر في بياض الثلج أكثر منه في بياض العاج.
(٢) قال شارح الشمسية: الاشتهار هو المشهور في المنقول، وبعضهم يعتبر هجر المعنى الأول وهو مهجور بدلالة الاستعمال، وقد أوله بعضهم بأن لا يستعمل في المعنى الأول حقيقة بالنسبة إلى الناقل.
(*) لا يقال: يلزم على هذا أن يكون مشتركاً لكونه حقيقة في معنييه المنقول عنه وإليه؛ لأنا نقول: إنما يلزم ذلك لو لم يعتبر اتحاد الاصطلاح في المعنيين، وليس كذلك. (حاشية أبهري على العضد). والفرق بين النقل والمجاز شهرته في المعنى الثاني وعدم شهرته في الأول، لكنه ينقدح بأن المجاز قد يشتهر، فالأولى الفرق بأن المجاز لا بد فيه من ملاحظة العلاقة وقت الاستعمال بخلاف النقل. (منتخب من النقود والردود).
[١] عبارة المؤلف بالأولوية. (ح).
[٢] لعل القاضي حسن | ظن أن قول المؤلف والمقصود منه ... إلخ جملة حالية قيد لما قبله وليس كما ظنه فإن قوله: والمقصود عطف على قوله المفهوم كما تفيد ذلك عبارة سعد الدين | في شرحه على الشمسية حيث قال: ومعنى كثرته أن يكون المفهوم والمقصود منه عند استعماله في الآخر. انتهى ما ذكره السعد وبه يتضح مراد المؤلف |، ولا ضير في عطف المقصود على المفهوم إذ المفهوم على ما عرف ما يحصل عند العقل ويستفاد من اللفظ فباعتبار فهمه منه يسمى مفهوماً وباعتبار قصده منه يسمى معنى؛ لأنه ما يقصد بالشيء، وباعتبار أنه دال عليه يسمى مدلولاً، وحينئذ فعطف المقصود على المفهوم من قبيل عطف التفسير وإن تغايرا اعتباراً والله أعلم. (سيدي أحمد بن محمد |). وفي حاشية: يقال: لإيضاح التعدد في المفهوم حيث يكون مفهوم المستعمل غير مفهوم الآخر مع الاتحاد في اللفظ. (حسن بن يحيى).