فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها
  استعماله في المعنى الأول بحيث يتبادر منه المعنى الثاني عند الإطلاق (فمنقول ينسب إلى ناقله) فإن كان الناقل أهل العرف العام سمي منقولاً عرفياً، وإن كان أهل الشرع سمي منقولاً شرعياً، وإن كان أهل اصطلاح خاص سمي منقولاً اصطلاحياً.
  وقد يكون النقل لمناسبة وهو الكثير، ولغير مناسبة ويخص باسم المرتجل(١) (وإلا) يشتهر في المعنى الثاني بل يستعمل تارة فيه وتارة في المعنى الأول
(قوله): «فإن اشتهر في الثاني وترك استعماله في المعنى الأول» ظاهره أن المراد بالترك عدم غلبة استعماله بالكلية، وهذا غير مناسب للاشتهار؛ إذ مقتضى الاشتهار وقوع الاستعمال في غير المشهور ولو قليلاً، ويمكن أن يقال: المراد بالترك عدم غلبة استعماله في المعنى الأول؛ بقرينة قول المؤلف: بحيث يتبادر منه المعنى الثاني عند الإطلاق، والله أعلم.
(قوله): «اصطلاحياً» ومنه الشرعي، لكنه تميز بالنسبة إلى الشرع تشريفاً، وذلك كالفعل فإنه موضوع لما صدر عن الفاعل ثم نقل في اصطلاح النحاة إلى كلمة دلت على معنى في نفسه ... إلخ.
(قوله): «وهو الكثير» كما في الأمور الثلاثة؟[١] فإن معانيها المنقولة إليها مناسبة لمعانيها الأول، وهي الدعاء وكل ما دب على الأرض واللفظة، ذكره في المرآة.
(قوله): «ولغير مناسبة» كالجوهر فإنه في اللغة الشيء النفيس ثم نقله المتكلمون إلى قسيم العرض وهو القائم بنفسه وإن كان في غاية الخسة.
(قوله): «ويخص باسم المرتجل» سيأتي ما ينافي هذا[٢] في بحث كون اللفظ بعد الوضع وقبل الاستعمال ليس بحقيقة ولا مجاز.
قال الأسنوي: فإن لم يوضع اللفظ لكل واحد بل وضع لمعنى ثم نقل إلى غيره نظر فإن كان لا لعلاقة فهو المرتجل، واعترض بأن المرتجل هو المخترع، أي: الذي لم يتقدم له وضع كما ذكر ذلك في كتب النحو.
(١) سيأتي عن قريب ما يباين هذا، قال الأسنوي: وإن لم يوضع اللفظ لكل واحد بل وضع لمعنى ثم نقل إلى غيره نظر فإن كان لا لعلاقة قال في المحصول فهو المرتجل، واستشكله القرافي بأن المرتجل في الاصطلاح هو اللفظ المخترع، أي: لم يتقدم له وضع، وأما تفسيره بما قاله الإمام فغير معروف.
(*) وفي حاشية ما لفظه: سيأتي ما ينافي هذا الكلام في بحث العلم، ولعل ما هنا على مذهب سيبويه الآتي، والله أعلم.
[١] أي: كما في أمثلة الأمور الثلاثة، وهي الصلاة والدابة والفعل. (ح من خط شيخه).
[٢] يقال: ذكره هنا بمعنى المرتجل غير العلمي، وهو قسم من المنقول، والعلمي هو الذي لم يسبق له وضع، وهو هناك في سياق ذكر العلم. (حسن يحيى الكبسي).