هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان أقسام للألفاظ تتمايز بتمايز معانيها

صفحة 376 - الجزء 1

  (فحقيقة) في الأول (ومجاز) في الثاني.

  (وإن تعدد) أي: اللفظ المفرد بقرينة قوله: (فإن اتحد معناه) وهذا تقسيم ثالث للمفرد باعتبار تعدده (فمترادف) أي: يسمى هذا القسم من المفرد مترادفاً كالغضنفر والأسد، والترادف في الأصل التتابع، ومنه الردفان لليل والنهار.

  (وإلا) يتحد المعنى بل كان متعدداً كاللفظ (فمتباين) وقد تكون متفاصلة لا تجتمع كالسواد والبياض والإنسان والفرس، وقد تكون متواصلة يمكن اجتماعها؛ إما بأن يكون أحد المعنيين⁣(⁣١) اسماً للذات والآخر صفة لها كالسيف


(قوله): «وإلا يشتهر فحقيقة ومجاز» عبارة ابن الحاجب: فإن كان اللفظ للمتعدد حقيقة فمشترك وإلا فحقيقة ومجاز. واعترض عبارته شارحه بأنها مبنية على استلزام المجاز⁣[⁣١] الحقيقة، وابن الحاجب لا يقول بذلك. ولعل هذا الاعتراض لا يرد على عبارة المؤلف؛ لأنه جعل مقابل قوله: وإلا فحقيقة ومجاز هو المشتهر، ونفي الاشتهار لا ينفي الاستعمال الذي هو شرط الحقيقة.

(قوله): «بقرينة قوله: فإن اتحد ... إلخ» يعني فإنه قرينة على أن المراد تعدد اللفظ؛ إذ لو كان المراد تعدد المعنى لنافى قوله: فإن اتحد معناه، وأيضاً لا يناسب قوله فيما تقدم: وإن تعدد معناه.

قلت: لكن ينظر أين المعطوف عليه في الكلام السابق؛ فإن قوله: إن اتحد معناه مقابله وإن تعدد معناه كما تقدم لا قوله: وإن تعدد أي اللفظ، ولعله معطوف على مجموع قوله: وأيضاً إن اتحد، فيكون التقدير وهو أي المفرد إن تعدد، فيكون قوله: وإن تعدد خبراً آخر للفظ هو في قوله سابقاً: وهو إن استقل ففعل ... إلخ.

فائدة: إنما صح أن يكون متعدد اللفظ قسماً من المفرد لأن مورد القسمة مطلق المفرد واحداً كان أو أكثر كما أشار إليه السعد.

واعلم أن هذا التقسيم اعتباري لا ذاتي كما أشار إليه المؤلف سابقاً بقوله: باعتبار آخر؛ وحينئذ فلا يضر تداخل الأقسام، وأن كل واحد من الألفاظ المتباينة إما كلي أو جزئي إلى آخر ما ذكر. وأيضاً يحتمل أن يكون كل واحد منها أو بعضها مشتركاً أو حقيقة ومجازاً، وكذلك المشترك إما كلي أو جزئي بحسب معنييه أو أحدهما، وإذا اعتبر معناه الكلي قد يكون متواطئاً وقد يكون مشككاً.

(قوله): «كالغضنفر» بالفتح، ذكره في شمس العلوم.


(١) الأحسن: اللفظين.


[١] وإلا فقد يكون لهما مجازين⁣[⁣٠]. (عضد ح).

[٠] إذ لولا الاستلزام لجاز كون اللفظ لهما - أي: للمعنيين - مجازين. (شريف).