هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في الاشتقاق]

صفحة 381 - الجزء 1

  الآخر في حروفه الأصلية. وعدل عن الموافقة في المعنى إلى المناسبة فيه لأنه يتبادر من الموافقة استواء المعنيين، فيخرج منه الضارب من الضرب للزيادة⁣(⁣١)، والضرب من ضرب للنقصان.

  فإن قلت: العدول إلى المناسبة يوقع في محذور آخر، وهو دخول الاشتقاق الكبير نحو الحمد والمدح⁣(⁣٢) في تعريف الصغير الذي هو المراد هاهنا.

  قلنا: لا وقوع في المحذور: إما لما قيل من أن الموافقة في الحروف الأصلية تشعر بالترتيب⁣(⁣٣)، وإما لأن قوله: رد لفظ إلى آخر يشعر بالتفريع⁣(⁣٤).


(قوله): «لأنه يتبادر من الموافقة ... إلخ» هذا لازم؛ ولهذا احتاج شراح كلام ابن الحاجب إلى تأويل الموافقة في عبارته بأن ليس المراد بها الاتحاد في المعنى، بل أن يكون في المشتق معنى الأصل ليدخل ضارب من الضرب؛ لأن فيه معنى الأصل مع زيادة.

(قوله): «والضرب من ضرب» هذا على رأي الكوفيين.

(قوله): «فإن قلت: العدول إلى المناسبة يوقع في محذور آخر، وهو دخول الاشتقاق الكبير» تحقيق الكلام كما في شرح المختصر وحواشيه للشريف أن أقسام الاشتقاق ثلاثة: صغير وكبير وأكبر، فالصغير تعتبر فيه الموافقة في الحروف الأصول مع الترتيب كضرب وضارب، أو بدون الترتيب نحو الحمد والمدح وهو الكبير، أو المناسبة في الحروف نحو ثلم وثلب ويسمى الأكبر، وتعتبر في الصغير الموافقة في المعنى مع تغيير ما، وفي الكبير والأكبر المناسبة في المعنى، فإن معنى حمد يناسب معنى مدح، وكذا معنى ثلم وهو في الجدار ونحوه يناسب معنى ثلب وهو في العرض من جهة الاختلال.

إذا عرفت هذا ظهر دخول الاشتقاق الكبير في تعريف الصغير.

(قوله): «تشعر بالترتيب» لأنه إذا لم يكن على ترتيبه لم يوافقه، وقد ذكر ما يقرب من هذا في شرح الجمع.

(قوله): «يشعر بالتفريع» لما ذكر في شرح الجمع من أن معنى رد لفظ إلى آخر بأن يجعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً، والمدح والحمد لا فرعية لأحدهما عن الآخر، فيخرج ذلك بقيد الرد.


(١) لأن الضرب للحدث المخصوص، والضارب لذات ما له ذلك الحدث.

(٢) قال أبو السعود: الحمد والمدح أخوان في المعنى، والتمييز بالنظر في الأفعال، فإن فعل الحمد بمعنى الإنهاء، فإذا قلت: أحمد الله إليك كان معناه: أنهي حمد الله إليك، وفعل المدح يقع على صريح المفعول، تقول: مدحت زيداً كضربت زيداً.

(٣) ولا ترتيب في الحمد والمدح.

(٤) وبه يخرج نحو المقتل مصدراً فإنه لا يسمى مشتقاً من القتل لاتحادهما معنى.