[ذكر سبب التأليف]
  وإما مختصرة على اختلاف الطرائق وتباين الحقائق، فمنها ما جمع أيادي الخلافات(١) ورؤوس المسائل جمعاً لم يسبق إليه أحد من الأوائل، ولكنه أغفلها عن وجوه الحجج والدلائل، ومنها ما لم يكن فيها ذلك الجمع غير أنه يأتي ببعض الأدلة من العقل والسمع.
  ومنها ما اقتصر على ذكر دليل المختار، ولم يكشف عن غيره شيئاً من
(قوله): «على اختلاف الطرائق» حال، أو صفة مصدر محذوف، والمراد باختلاف الطرائق تنوع الاختصار كما أشار إليه المؤلف # بأن بعضهم أغفل الأدلة، وبعضهم اقتصر على الإتيان ببعض أدلة المختار، وبعضهم لم يورد دليل المخالف في كل مسألة ولم يذكر أيضاً المخالف في كل مسألة.
(قوله): «فمنها ما جمع» كالفصول.
(قوله): «أيادي الخلافات» الأيادي: جمع يد، لكن إذا كانت بمعنى النعمة، وأما إذا كانت بمعنى الجارحة فإنها تجمع على أيد. والمراد هنا الجارحة، فكان القياس أيدياً، هكذا نقل، وذكر الشلبي أن الأيدي جمع اليد وهي الجارحة المخصوصة، وما قيل: إن اليد بمعنى الجارحة تجمع على الأيدي وبمعنى النعمة على الأيادي يرد عليه أن أصل يد يدي على وزن فعل، وفعل لا يجمع على أفاعل، ثم قال الشلبي: والشايع استعمال الأيادي في النعم، والأيدي في الأعضاء. ولا يخفى ما في قوله: «أيادي الخلافات» من الاستعارة بالكناية والتخييل، وكذا في قوله: رؤوس المسائل. وجمع أيادي الخلافات ورؤوس المسائل كناية عن تيسر جمع الخلاف والاقتدار عليه؛ إذ بإدراك هذين العضوين يحصل التمكن ممن هما فيه. وفي قوله: «رؤوس المسائل» إشارة إلى أن ما أتى به هو المنتخب من المسائل، فإن الرأس أشرف الأعضاء.
(قوله): «ومنها ما لم يكن فيه ذلك» كالكافل.
(قوله): «غير أنه يأتي ببعض الأدلة» يعني بالنظر إلى مجموع كتابه، فإن فيه مسائل ذكر في بعضها دليل المختار كمسألة حجية الإجماع والقياس، وفي بعضها ذكر فيه دليل المخالف كما في إجماع أهل البيت $.
(قوله): «ومنها ما اقتصر» كالمعيار للإمام المهدي.
(١) يحتمل أن الإضافة بيانية على أن الأيادي مستعارة من الجوارح المخصوصة للخلافات لمشاركتها لها كما لا يخفى؛ فإن المسألة لا تكمل إلا بذكر الخلافات كما لا يكمل الإنسان إلا بالأيدي، وقس على ذلك قوله: (رؤوس المسائل) وقوله: (وجوه الحجج والدلائل)، ووجه الشبه بين المسائل والرؤوس أن المسائل المقصود الأصلي - ولذا اقتصر عليها البعض - كما أن الرأس هو العمدة في الإنسان بالنظر إلى الأطراف. ووجه الشبه بين الحجج والدلائل والوجوه أنه يعرف بالوجوه الأناسي كما تعرف المسائل بالدلائل. ويحتمل أن الإضافة في جميع ما ذكر من إضافة المشبه به إلى المشبه كلجين الماء، والله أعلم.