[ذكر سبب التأليف]
  من تلك الشواغل، ونظر في إصلاح أحوال كانت قد اعتورتها عوامل، وأرجو من الله الإعانة على إتمامه كما أعان على أصله بلطفه وإكرامه.
  وسميته «هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول»، راغباً إلى الله أن يهدينا إلى الصراط المستقيم، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، قل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
  قال: (﷽، الحمد لله الذي جعل شريعته الغراء سراجاً وهاجاً في ظلم الضلال) افتتح الكتاب بعد البسملة(١) بحمد الله
(قوله): «مع اشتغال بما هو أشد من تلك الشواغل» يعني التي ذكرها # آنفاً.
(قوله): «هداية العقول» ليطابق اسمه معناه[١].
(قوله): «قل حسبي الله ... إلخ» اقتباس من قوله تعالى: {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ...} الآية [التوبة: ١٢٩]، وكون المؤلف # قائلاً لذلك بناء على حمل الكلام على التجريد.
(قوله): «بعد البسملة بحمد الله» يحتمل أن يكون الظرف - أعني بحمد الله - مستقراً[٢] في موضع الحال من فاعل افتتح، لا صلة الافتتاح، أي: افتتح كتابه بعد التلبس بالتسمية متلبساً بحمد الله؛ فلا يرد أن هذه العبارة[٣] توهم تعلق الافتتاح بالحمد دون التسمية فيحتاج إلى الاعتذار بأن المؤلف # نسب الافتتاح إلى الحمد فقط اعتناء بما خفي[٤] وإعراضاً عن ذكر الجلي. ويحتمل أن الظرف لغو متعلق بافتتح معمولاً له، فنسبة الافتتاح إلى الحمد فقط مع تأخره عن التسمية اشتغال بإفادة ما خفي وإعراض عن ذكر الجلي، وتلويح إلى أن تأخير الحمد عن التسمية لا ينافي وقوع الافتتاح، فلا تعارض بين حديثي الابتداء بالتحميد والابتداء بالتسمية؛ لما ذكر المؤلف من أن الافتتاح أمر عرفي أو حقيقي وإضافي.
(١) في نسختين: التسمية.
[١] قوله: «ليطابق اسمه معناه» الأنسب مسماه، أو لفظه معناه. اهـ وكذا الكلام في قول المصنف: قال بسم الله. اهـ أحمد بن محمد إسحاق ح.
[٢] قوله: «يحتمل أن يكون الظرف أعني بحمد الله مستقراً» الظاهر أن الظرف لغو لتعلقه بافتتح. اهـ قال: من خط شيخه.
[٣] قوله: «فلا يرد أن هذه العبارة ... إلخ» أي: عبارة الشارح، أي: حين كان الظرف مستقراً لا يرد ... إلخ، بل لا يرد سواء جعل الظرف لغواً أو مستقراً؛ إذ عبارة الشارح مصرحة بأن الافتتاح بالتحميد إنما وقع بعد الافتتاح بالتسمية، فالأظهر جعل الظرف لغواً؛ إذ على تقدير أن يكون مستقراً لا يتيسر التعليل بالأداء ... إلخ إذ المفتتح به غير مذكور. اهـ لا يتم تعليل الافتتاح بالأداء إلا على تقدير أن يكون الظرف لغواً، أي: معلقاً بافتتح، وأما على تقدير أن يكون مستقراً فلا يكون تعليلاً للتلبس فافهم. اهـ ح
[٤] أي: الافتتاح به، وهو الحمد فتأمل.