هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 443 - الجزء 1

  اللغات من غير أن يصرح معهم بوضع اللفظ للمعنى، وهذا ما أشار إليه بقوله: (والتفهيم بالقرائن).

  احتجوا ثانياً: بما أفاده بقوله: (قيل: هي) أي: الحقائق الشرعية لو وقعت لكانت (غير عربية) لأن المفروض أن العرب لم يضعوها (و) لو كانت غير عربية للزم أن لا يكون القرآن عربياً؛ لأن (اشتمال القرآن عليها ينفي عربيته⁣(⁣١)) فما بعضه خاصة عربي لا يكون كله عربياً، وقد قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}⁣[يوسف: ٢].

  قلنا في الجواب: (ليس كله عربياً) بل هو ممنوع (والضمير في إنا أنزلناه للسورة) لا للقرآن، وليس في السورة شيء من هذه الألفاظ.

  قالوا: السورة بعض القرآن، وبعض القرآن لا يكون قرآناً.

  قلنا: لا نسلم عدم صدق الشيء على البعض منه دائماً⁣(⁣٢)، (و) إنما يلزم لو لم


(قوله): «لأن المفروض أن العرب لم يضعوها» ينظر هل يرد هذا على القول بأن واضع اللغات هو الله تعالى؟

(قوله): «والضمير في إنا أنزلناه للسورة» يعني باعتبار المنزل⁣[⁣١] أو المذكور أو القرآن.


(١) لو قيل: لثبوت اشتمال القرآن عليها، وذلك ينفي عربيته ... إلخ لكان أحسن كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام، والعذر واضح، وعبارة فصول البدائع: واللازم باطل؛ لأن القرآن مشتمل عليها، وكل مشتمل على غير العربي غير عربي، وقد قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا ...} إلخ [يوسف: ٢]. (من خط القاضي علي البرطي عافاه الله).

(٢) فإنه يصدق اسم الشيء على البعض منه لمشاركة الكل الجزء في معناه، فإن الماء اسم للجسم البسيط البارد الرطب بالطبع فيصدق على الكل وعلى أي بعض منه، فيصح أن يقال: هذا البحر ماء ويراد بالماء مفهومه الكلي، وأنه بعض الماء ويراد بالماء مجموع المياه الذي هو أحد أفراد هذا المفهوم، والقرآن من هذا القبيل، فالسورة قرآن وبعض من القرآن بالاعتبارين. (من حاشية السعد باختصار).


[١] أي: تذكير الضمير في: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} مع أنه للسورة باعتبار أنها منزل أو مذكور أو قرآن.