هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 448 - الجزء 1

  المؤمنين هم فاعلو الطاعات وتاركو المقبحات، ودلت بأولها وآخرها على أن هذا الوصف مقصور عليهم لا يتعدى إلى غيرهم⁣(⁣١)، وهو المطلوب.

  (وغيرها) كقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ٤٧}⁣[الأحزاب]، وقوله: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ١٤٦}⁣[النساء]، وقوله: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣[يونس: ٢]، «بشر بها كل مؤمن»، ولو كان الإيمان التصديق لكان الفاسق مؤمناً داخلاً في هذه البشارات فيسقط عن نفسه التحفظ عن المعاصي، والإجماع مانع من ذلك.

  وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}⁣[البقرة: ١٤٣]، أي: صلاتكم إلى بيت المقدس، وذلك لأن الآية نزلت بعد تحويل القبلة دفعاً لتوهم إضاعة الصلاة⁣(⁣٢) التي كانت إليه.

  وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ ...} إلى آخرها⁣(⁣٣) [النور: ٦٢].

  ولأن المؤمن لا يخزى في الآخرة؛ بدليل قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}⁣[التحريم: ٨]، والفاسق يخزى؛ لقوله تعالى في المحاربين: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٣٣}⁣[المائدة]، والمعذب مخزي؛ لقوله تعالى: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}⁣[آل عمران: ١٩٢]، فثبت أن الفاسق مخزي⁣(⁣٤)، وكل مؤمن ليس بمخزي، وهو


(١) وهو المصدق الذي لم يفعل الطاعات.

(٢) في (أ، ب): الصلوات.

(٣) ضرب في نسخة على قوله: إلى آخرها.

(٤) قوله: «فثبت أن الفاسق مخزي» في حاشية ما حاصله: هذه صغرى، وكل مؤمن ليس بمخزي كبرى، وهذا من الضرب الأول من الشكل الثاني، وهو يرتد إلى الشكل الأول بعكس الكبرى، وهي هنا: كل مؤمن ليس بمخزي، فيقال: كل مخزي ليس بمؤمن، ينتج ما ذكره. اهـ بزيادة مفيدة.