فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  يستلزم: أن الفاسق ليس بمؤمن، وهو المطلوب.
  ومن ذلك ما روى ابن ماجه(١) والطبراني عن علي # عن النبي ÷ أنه قال: «الإيمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان».
  وما رواه الشيرازي في الألقاب عن عائشة عنه ÷ أنه قال: «الإيمان بالله إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالأركان».
  وما رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة عنه ÷ أنه قال: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها(٢) إماطة الأذى عن الطريق، والحياء(٣) شعبة من الإيمان».
(قوله): «وهو يستلزم أن الفاسق ليس بمؤمن» لأن هذا من الضرب الأول من الشكل الثاني، وهو يرتد إلى الشكل الأول بعكس الكبرى، وهو هنا كل مؤمن ليس بمخزي ... إلى قوله: المخزي ليس بمؤمن، ينتج ما ذكره.
هذا، وفائدة الخلاف في الدينية إثبات المنزلة ونفيها، فمن أثبتها أثبت المنزلة ومن نفاها نفاها كما ذكره الشيخ العلامة.
قال في حواشي الفصول: قال الهادي #: أهل الكبائر من أهل الصلاة فساق ولا يبلغ فسقهم بهم كفراً ولا نفاقاً، وبه قالت المعتزلة.
وقال بعض الخوارج: إنهم كفار وإن فسقهم قد بلغ بهم الكفر والنفاق دون الشرك، ويقال: إن الزيدية أو بعضهم يزعمون أن فسقهم قد بلغ بهم الكفر.
وقالت المرجئة والعامة: فساق مؤمنون، ثم ساق الشيخ عن الحواشي كلاماً بسيطاً يتضمن نحواً من هذا تركناه؛ إذ لا يحتمله المقام.
(١) وأخرجه الإمام علي بن موسى والمرشد بالله والحاكم في تاريخ نيسابور.
(٢) إماطة الأذى: تنحيته وإبعاده وهو كل ما يؤذي من حجر أو مدر أو شوك أو غيره. (من شرح مسلم للسيوطي).
(٣) الحياء بالمد: الاستحياء، والشعبة: القطعة من الشيء، والمراد بها هنا الخصلة، قال عياض وغيره: إنما عد من الإيمان وإن كان غريزة لأنه قد يكون غريزة وقد يكون اكتساباً كسائر أعمال البر، فإذا كان غريزة فاستعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية وعلم، فهو من الإيمان لهذا أو لكونه باعثاً على أفعال البر ومانعاً من المعاصي. (من شرح السيوطي على مسلم).