هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 450 - الجزء 1

  وما رواه أحمد والبخاري⁣(⁣١) والنسائي عن ابن عباس عنه ÷ أنه قال: «لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يقتل حين يقتل⁣(⁣٢) وهو مؤمن».

  وما روى البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة عنه ÷ أنه قال: «لا يزني الزاني حين يزني⁣(⁣٣) وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر⁣(⁣٤) حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف⁣(⁣٥) يرفع الناس فيها أبصارهم⁣(⁣٦) حين ينتهبها وهو مؤمن»،


(قوله): «ولا يقتل وهو مؤمن» يعني مع أن التصديق حاصل.

(قوله): «نهبة» بالضم الشيء المنتهب.


(١) وأخرجه المرشد بالله بطرق، وعده السيوطي من المتواتر.

(٢) «حين يقتل» ساقطة من (أ، ج)، وهي غير موجودة في البخاري والنسائي.

(٣) قال القاضي عياض ما معناه: معنى قوله ÷: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... إلخ)) أنه إذا وقع من الشخص الإقدام على أحد هذه المعاصي فذلك دليل على ارتفاع المانع من ارتكاب المعاصي؛ لأن النفس الأمارة والشهوات منازعة للإنسان حاملة له على الإقدام ولا يمنعه من ذلك إلا الإيمان، فإقدامه جرأة على أي هذه المعاصي المنصوص عليها دليل على ارتفاع ذلك المانع، فكان محلاً لاقتراف سائر المعاصي، وسلبت عنه أهليته لما اشترطت فيه العدالة. اهـ

ففي هذا الحديث دليل لقول من قال: إن الجرح سلب أهلية كما سيأتي تحقيق ذلك في المقصد الرابع في قوله: قبله، وقد اختلف في المتأول. (من خط قال فيه: اهـ شيخنا).

(٤) الفاعل محذوف، أي: الشارب، دل عليه يشرب. (من شرح السيوطي على مسلم).

(٥) بشين معجمة مفتوحة، أي: ذات قدر عظيم، وقيل: ذات استشراف يستشرف الناس لها ناظرين إليها رافعي أبصارهم، وضبطه بعضهم بالمهملة، وفسره أيضاً بذات قدر عظيم. اهـ قال عياض: نبه بهذا الحديث عن جميع أنواع المعاصي، فبالزنا على جميع الشهوات، وبالسرقة على الرغبة في الدنيا والحرص على الحرام، وبالخمر على جميع ما يصد عن الله ويوجب الغفلة عن حقوقه، وبالنهبة على الاستخفاف بعباد الله وترك توقيرهم والحياء منهم وجمع الدنيا من غير وجهها. (سيوطي على مسلم والله أعلم).

(٦) أي: تعجباً من جرأته أو خوفاً من سطوته.