[ذكر سبب التأليف]
  والحمد: الوصف(١) بالجميل على الجميل الاختياري للتعظيم. وأطلق الجميل
(قوله): «والحمد الوصف» اعلم أَنَّ الوصف كما ذكره في حواشي شرح المطالع يكون بالجميل والقبيح، فقوله: بالجميل يخرج الذم، وأَنَّ الوصف بالجميل يفهم منه كونه باللسان ضمناً كما ذكره فيها أيضاً، قال: فإنك إذا قلت: «وصفت فلاناً بكذا» لم يتبادر منه إلا فعل اللسان. فعدول المؤلف عن قولهم: الثناء باللسان، إلى: الوصف مع تضمنه كونه باللسان لئلا يرد أن قيد اللسان[١] مستدرك، ويحتاج إلى كلفة الاعتذار بما هو معروف[٢] أو إلى القول بأن اختصاص الثناء باللسان غير مجزوم به كما هو المفهوم من الصحاح والكشاف، ويؤيده قوله ÷: «أنت كما أثنيت على نفسك». والجواب بأنه محمول على المشاكلة[٣] خلاف الظاهر. وقيد الوصف بالجميل ليخرج الوصف بالقبيح، فيفيد كون المحمود به جميلاً؛ فيندفع عنه ما يرد على قولهم: «الثناء باللسان» من عدم إفادته كون المحمود به جميلاً؛ لأن الثناء يستعمل في الخير والشر كما روي أنه ÷ مروا عليه بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال ÷: «وجبت) أي: الجنة، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال ÷: «وجبت» أي: النار. واعلم أنه يرد على قول المؤلف #: «الوصف بالجميل» ما ورد على قولهم: «الثناء باللسان» من خروج الحمد الصادر منه تعالى عن اللسان، ويجاب بما ذكره من أنه لا يضر خروجه؛ لأن وصفه به مجاز[٤] أو لأن المقصود تعريف الحمد الصادر عن البشر. وأما قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[الإسراء: ٤٤]، وأكثر الأشياء لا لسان له فيجاب عنه بأن من قال باختصاص الحمد باللسان يحمل أمثال ما ذكر على المجاز كما ذكره الشلبي. هذا، وقد نقل الشريف عن بعض العلماء كلاماً اختار فيه دخول حمد الله في الحمد من غير احتياج إلى تأويل؛ بناء على أن الحمد ليس هو الوصف المذكور فقط، بل إظهار الصفات الكمالية، وذلك قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل، قال: وحمد الله وثناؤه[٥] من قبيل إظهار الصفات بالفعل، فإنه حين بسط بساط الوجود على ممكنات لا تحصى، ووضع عليه[٦] فوائد لا تتناهى - كشف عن صفات الكمال وأظهرها بدلالات قطيعة تفصيلية غير متناهية؛ ومن ثم قال #: لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. ومثل ما ذكره الشريف ذكره في شرح المطالع وبنى عليه بعض المحققين[٧] من شراح منهاج البيضاوي. قالوا: وهذا هو العرف الخاص، أي: المستعمل بين أرباب العلوم العقلية، واختصاص الحمد باللسان هو العرف العام المشهور عند أهل اللغة، =
[١] قوله: «لئلا يرد أن قيد اللسان» هذا التعليل مبني على أن النسبة بين الوصف والثناء الترادف فكما أن في الوصف دلالة تضمنية على كونه باللسان كذلك في الثناء فيرد الاستدراك. اهـ ع مغربي
[٢] قوله: «ويحتاج إلى كلفة الاعتذار بما هو معروف»[٠] أي: يقال بأن المقام مقام تعريف فيه بالدلالة التضمنية، بل لا بد من التصريح؛ لأن المقام مقام توضيح. (ح).
[٠] قال الدسوقي في حاشيته على شرح السعد للتلخيص: وأجيب بأن اللسان وإن كان معلوماً من الثناء لكنه صرح به للتنصيص على اختصاص الحمد باللسان المفيد لمقابلته الشكر نصاً المقتضية لظهور التفريع لبيان النسبة بينهما. أو يجاب بأنه لما كان يحتمل التجوز في الثناء بإطلاقه على ما ليس باللسان كالجنان والأركان ذكره لإخراج الثناء بغير اللسان.
[٣] قوله: «محمول على المشاكلة» أي بين قوله: ثناء في قوله: أثنيت على نفسك، وبين قوله: لا أحصي ثناء؛ إذ معنى: أثنيت على نفسك دللت ونحوه، فعدل إلى أثنيت للمشاكلة، وهو معروف في علم البديع. (ح).
[٤] قوله: «لأن وصفه به مجاز» عن إظهار الصفات الكمالية الذي هو الغاية من الحمد كما قيل، أو لأن ... إلخ. اهـ ح قال من خط سيدي أحمد بن محمد إسحاق.
[٥] قوله: «وحمد الله وثناؤه» أي: حامديته، فالمصدر مضاف إلى الفاعل. (ح).
[٦] في شرح المطالع: موائد كرمه التي لا تتناهى.
[٧] قوله: «وبنى عليه بعض المحققين» هو الحلواني.