[ذكر سبب التأليف]
  الأول لأن وصفه تعالى بصفاته الذاتية حمد له، وقيد الثاني بالاختياري لأنه لم يسمع: حمدت اللؤلؤة على صفائها، بل: مدحتها، فالمدح أعم مطلقاً من الحمد.
  فإن قلت: يستلزم(١) أن لا يكون ثناء الله تعالى على صفاته الذاتية(٢) حمداً
= قال في شرح المنهاج: الحمد والشكر ليس قول القائل: الحمد لله ولا الشكر لله، بل الحمد فعل ينبي عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم، سواء كانت النعمة وصلت إلى الحامد أو إلى غيره، وذلك إما بالقلب، وهو اعتقاد اتصاف المنعم بصفة الكمال والجلال، أو فعل اللسان، أعني ذكر ما يدل على تعظيم، أو فعل الجوارح، وهو الإتيان بأفعال دالة على ذلك. وكذا الشكر ليس قول القائل: الشكر لله، بل هو صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه من السمع والبصر وغيرهما إلى ما خلق له، مثل أن يصرف النظر إلى مطالعة مصنوعاته، والسمع إلى تلقي ما ينبي عن مرضاته والاجتناب عن منهياته، وعلى هذا يكون الحمد أعم من الشكر مطلقاً؛ لعمومه النعمة الواصلة إلى الحامد وغيره، واختصاص الشكر بما يصل إلى الشاكر.
(قوله): «بالجميل على الجميل» هذا تصريح بالمحمود به والمحمود عليه، فإن المشهور أن الحمد يقتضي متعلقين محموداً به ومحموداً عليه، فإنه يعتبر في كل من المحمود به والمحمود عليه أن يكون أمراً جميلاً، لكن المحمود به لا يجب أن يكون اختيارياً، وأما المحمود عليه فلا بد أن يكون اختيارياً؛ فلذا عدل المؤلف عن قولهم في تعريف الحمد: هو الثناء باللسان على قصد التعظيم سواء تعلق بالنعمة أو بغيرها، فإن الثناء باللسان لا يفيد كون المحمود به جميلاً إلا بتكلف، وهو حمله على الفرد الكامل، وبقية الحد لا يفيد المحمود عليه إلا بجعل قولهم: «سواء تعلق بالنعمة أو بغيرها» قيداً في التعريف، وفيه كما ذكره الشيخ العلامة | أن إفادة هذه العبارة التقييد خلاف الظاهر؛ إذ لو قصد التقييد لقيل: متعلقاً بالنعمة أو غيرها، ونحو ذلك من العبارات المفيدة للتقييد.
(قوله): «للتعظيم» خروج السخرية والاستهزاء بهذا القيد بناء على أن المراد به الفرد الكامل الذي يتطابق فيه الباطن والظاهر كما ذكروه، وسيأتي قول المؤلف: أي مقصوداً به التعظيم ظاهراً وباطناً. وهو بناء على أن المراد بالتعظيم ما ذكرنا، أو بناء على أن المراد بالجميل من حيث هو جميل ولا يكون إلا مع التعظيم ظاهراً وباطناً.
(قوله): «فالمدح أعم مطلقاً» إذ المدح هو الوصف بالجميل على الجميل مطلقاً اختيارياً كان أو غيره، ونقيض الحمد الذم، ونقيض المدح الهجو، ونقيض الشكر الكفران.
(قوله): «يستلزم أن لا يكون ثناء الله على صفاته ... إلخ»: الظاهر أن الثناء في عبارة المؤلف مضاف إلى الفاعل، وأما عبارة عصام الدين حيث قال: «كحمدنا[١]» فمحتملة للإضافة إلى الفاعل أو المفعول، وكذا عبارة الشيخ العلامة | حيث قال: حمد الله على صفاته. وتقرير السؤال أن يقال: تقييد المحمود عليه بالاختياري يلزم منه أن لا يكون ثناء الله على صفاته الذاتية حمداً له؛ إذ ليست اختيارية سواء كانت عين الذات أو زائدة عليها وإلا لزم حدوثها، وحينئذ فلا يكون الثناء على صفاته الذاتية حمداً، وهو خلاف ما عليه الاتفاق.
(١) تقريره أنه قد تقرر أنه لا اختيار له تعالى في صفاته الذاتية سواء كانت عين ذاته أو زائدة، وإلا لزم حدوثها، وحينئذ فلا يكون الثناء على الله تعالى بصفاته الذاتية حمداً له، وهو خلاف ما عليه الاتفاق. وتقرير الجواب بأن المراد من الاختياري أعم من أن يكون اختيارياً حقيقياً أو بمنزلة الاختياري. اهـ وهو لفظ الدواني في حاشية التهذيب. قوله (الدواني) هكذا ضبط في خط (لي) بالتخفيف.
(٢) كالعلم والقدرة والإرادة. (شيخ لطف الله على الشرح الصغير).
[١] قوله: «وأما عبارة عصام الدين حيث قال: كحمدنا» عبارة عصام في الأطول: كحمد الله فينظر.