هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[ذكر سبب التأليف]

صفحة 50 - الجزء 1

  له، وهو خلاف ما عليه الاتفاق.

  قلت: قد أجيب عنه بجوابات⁣(⁣١)، أمثلها الحمل على المجاز؛ لكون تلك الصفات مبادي أفعال اختيارية.


(قوله): «قد أجيب عنها بجوابات» منها أن الحمد مجاز عن المدح كما في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}⁣[الإسراء]، ورد باحتمال أن يكون محموداً حالاً من ضمير يبعثك، وإن جعل نعتاً كما هو الظاهر⁣[⁣١] فالمراد محموداً فيه لشفاعته ÷، ففيه حذف وإيصال.

ومنها: ما أجاب به شيخ الإسلام من أن المراد بالاختياري ما يكون متعلقاً بذي الاختيار؛ ليخرج ما تعلق بالجمادات، فلا يلزم حينئذ أن يكون المحمود عليه نفسه مما فيه اختيار، بل يكفي اختيار صاحبه في غيره. وفي هذا الجواب تكلف؛ إذ يلزم منه أن يطلق الاختياري على نحو الطول والقصر والصحة والسقم، لتعلقها بذي الاختيار.

ومنها: أن التجوز في إطلاق الاختياري على غير الاختياري لعلاقة التشبيه⁣[⁣٢]، أشار إلى هذا الجواب الفاضل الشلبي تبعاً لما ذكره السيد المحقق حيث قال: لما كانت الذات كافية في اقتضاء تلك الصفات جعلت بمنزلة أفعال اختيارية يستقل بها فاعلها. ومثله ذكره المحقق عصام. وفي هذا الجواب تكلف؛ إذ يلزم منه الجمع بين الحقيقة والمجاز؛ لإطلاق الاختياري في حد الحمد على المعنى الحقيقي وما هو في حكمه، وبما ذكرنا ظهر قول المؤلف: أمثلها الحمل على المجاز.

(قوله): «أمثلها الحمل على المجاز» لا يقال: إن في الجوابات المتقدمة حمل على المجاز كما عرفت فكيف تصحيح هذه العبارة؟ لأنه يقال: لعل المؤلف # أراد بقوله: «أمثلها الحمل على المجاز» هو المجاز في الإيقاع⁣[⁣٣] كما يشعر بذلك التعليل بقوله: لكون تلك الصفات مبادئ أفعال اختيارية، وكما أشار إلى أنه من المجاز في الإيقاع عصام بقوله: والمحمود عليه حقيقة أمر آخر، والشلبي بقوله: فعل اختياري في المآل.


(١) الأول أنه لما كان مستقلاً بتلك الصفات وكافياً فيها فكأنه مختار لها. الثاني: أن المراد من كون المحمود عليه اختيارياً أن يصدر عن مختار وإن لم يكن مختاراً. الثالث: أن الحمد مجاز عن المدح كما في: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}⁣[الإسراء]. الرابع: ما ذكره المؤلف عادت بركاته.


[١] قوله: «وإن جعل نعتاً كما هو الظاهر» الأظهرية لقربه من الموصوف.

[٢] قوله: «لعلاقة التشبيه» هكذا في النسخ، والأظهر أنه السببية؛ لما سيأتي له قريباً في قوله: ولا يخفى ما فيهما، مع أن لا دلالة لما سيأتي على السببية؛ إذ السببية وإن كانت حقيقة هناك فهي علامة للمجاز في الإيقاع وما فيه علامة للمشابهة فهو مجاز لغوي هنا، وهناك مجاز عقلي، تأمل والله أعلم. اهـ قال: من خط شيخه المغربي ح.

[٣] قوله: «هو المجاز في الإيقاع» قال بعضهم: هو من المجاز المرسل، من إطلاق السبب وإرادة المسبب، ولعله الأولى؛ لأن الحمد أوقع على الصفات حقيقة لأجل ما نشأ عنها من الأفعال الاختيارية، فهي سبب فيها، فالمجاز في الإيقاع هنا غير متوجه، والنقل عن عصام وعن الشلبي لا دليل فيهما على أن المجاز في إيقاع الحمد على الصفات. (ح).