هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 474 - الجزء 1

  فإذا أورد⁣(⁣١) صورة الطبخ في خياله بأن قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه، تقارن صورة الطبخ والخياطة في خياله، فيجوز أن يعبر عن الخياطة بالطبخ ويقول: اطبخوا لي جبة وقميصاً، وليس العلاقة المصاحبة في الخارج، بل تصورها وتخيلها، فلا إشكال.

  واعترض بأنه لا يلزم في صورة المشاكلة المقارنة الخيالية إلا عند استعمال اللفظ فقط، ومجرد ذلك لا يصلح للعلاقة⁣(⁣٢)، وفيه ما عرفت.

  قال شيخنا ¦: لا يبعد أن يقال: إن العلاقة في مجاز المشاكلة من قبيل استعمال المقيد في المطلق، أراد بقوله: اطبخوا - افعلوا⁣(⁣٣) فإن الطبخ فعل لكن


(قوله): «في خياله» أي: الشخص.

(قوله): «وليس العلاقة المصاحبة في الخارج ... إلخ» كذا ذكره الشيخ | في حاشيته، ولم يذكره في الجواهر، وكأنه أشار إلى أن المصاحبة لو كانت في الخارج - وهي التلازم في الوجود كما هو القسم الأول من المنقول عن شرح المحقق - لورد أن ذلك غير حاصل بين الطبخ والخياطة، فأشار إلى دفعه بأن العلاقة هي المصاحبة في التصور والتخيل فلا إشكال. ولو قال المؤلف #: بل المصاحبة في تصورها وتخيلها لكان أظهر.

(قوله): «إلا عند استعمال اللفظ» يمكن أن يقال: ذلك عند استعمال اللفظ الحقيقي، أعني قوله: نجد لك طبخه، فلا إشكال.

(قوله): «ومجرد ذلك لا يصلح للعلاقة» لما عرفت من أن العلاقة يجب أن تكون حاصلة قبل استعمال المجاز.

(قوله): «وفيه ما عرفت من قوله: وقد يجاب ... إلخ.

(قوله): «قال شيخنا» هو الشيخ العلامة لطف الله بن محمد الغياث، ذكره في حاشيته لشرح التلخيص.

(قوله): «من قبيل استعمال المقيد في المطلق» لا يتم هذا إلا في البيت⁣[⁣١] المذكور وما شابهه، لا في نحو «صبغة الله» «ومكروا ومكر الله» ونحوهما.


(١) وفي نسخة: ورد. وعبارة الجواهر: أوردت صورة ... إلخ.

(٢) لوجوب سبقها تصوراً. اهـ، وفي نسخة بعد قوله: لا يصلح للعلاقة، وفيه ما عرفت وعليه ما لفظه: من صحة حصولها في زمان المجاز.

(٣) الظاهر أن المراد: خيطوا، فهو من إطلاق مقيد على مقيد آخر. (من نسخة سيدي الحسين بن القاسم على حاشية الشيخ على الشرح الصغير).

(*) اعترض عليه بأن المقيد هنا مستعمل في المقيد؛ لأن كلاً من الخياطة والطبخ مقيد، وإنما يصح لو كانت الخياطة مجرد الفعل، وليست كذلك. وأجيب بأن الخياطة وإن كانت فعلاً مخصوصاً إلا أنه أريد بها ابتداءً الفعل مجرداً عن اعتبار الخصوصية من حيث إنه فرد من أفراده، ثم استعمل الفعل المقيد الذي هو اطبخوا في ذلك الفعل فكان من إطلاق المقيد على المطلق، والله أعلم. (من خط السيد صلاح بن حسين الأخفش |).


[١] لم لا يتم؟ اهـ الظاهر التمام؛ إذ المكر في الآية وكذا الصبغة بمعنى الفعل، وهو مراد الشيخ |. (سيدي أحمد بن محمد ح). وفي حاشية: ينظر ما وجه عدم جريه في نحو: «ومكروا ومكر الله» فلم يظهر ذلك؟ وأما في نحو «صبغة الله» فقد يوجه ذلك بأن المشاكلة معنوية، والله أعلم. (سيدي إسماعيل بن محمد بن إسحاق ح).